وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَعَرَفَةُ، وَالْمُزْدَلِفَةُ، وَرَمِيُ الْجِمَارِ، عَلَى مَا أُمِرُوا بِهِ. وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ نَحْوٌ هَذَا.
وَقَوْلُهُ: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} : قَالَ مُجَاهِدٌ: يَعْنِي: الطَّوَافَ الْوَاجِبَ يَوْمَ النَّحْرِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنِ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ: أَتَقْرَأُ سُورَةُ الْحَجِّ؟ يَقُولُ (?) اللَّهُ: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} ، فَإِنَّ آخِرَ الْمَنَاسِكِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ.
قُلْتُ: وَهَكَذَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ لَمَّا رَجَعَ إِلَى مِنَى يَوْمَ النَّحْرِ بَدَأَ يَرْمِي الْجَمْرَةَ، فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، ثُمَّ نَحَرَ هَدْيَهُ، وَحَلَقَ رَأْسَهُ، ثُمَّ أَفَاضَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ. وَفِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرَ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ الطَّوَافُ، إِلَّا أَنَّهُ خُفِّفَ عَنِ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ (?) .
وَقَوْلُهُ: {بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} : فِيهِ مُسْتَدَلٌّ لِمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ الطَّوَافُ مِنْ وَرَاءِ الْحِجْرِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَصْلِ (?) الْبَيْتِ الَّذِي بَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، وَإِنْ كَانَتْ قُرَيْشٌ قَدْ أَخْرَجُوهُ مِنَ الْبَيْتِ، حِينَ قَصُرَتْ بِهِمُ النَّفَقَةُ؛ وَلِهَذَا طَافَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَرَاءِ الحِجْر، وَأَخْبَرَ أَنَّ الْحِجْرَ مِنَ الْبَيْتِ، وَلَمْ يَسْتَلِمِ الرُّكْنَيْنِ الشَّامِيَّيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُتَمَّمَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ الْعَتِيقَةِ؛ وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ:
حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ العَدَني، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حُجْر، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} ، طَافَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من وَرَائِهِ (?) .
وَقَالَ قَتَادَةُ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِي قَوْلِهِ: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [قَالَ] (?) : لِأَنَّهُ أَوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ. وَكَذَا قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ.
وَعَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا سُمِّيَ الْبَيْتَ الْعَتِيقَ؛ لِأَنَّهُ أُعْتِقَ يَوْمَ الْغَرَقِ زَمَانَ نُوحٍ.
وَقَالَ خَصِيف: إِنَّمَا سُمِّيَ الْبَيْتَ الْعَتِيقَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ جَبَّارٌ قَطُّ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيح وَلَيْثٌ عَنْ مُجَاهِدٍ: أُعْتِقَ مِنَ الْجَبَابِرَةِ أَنْ يُسَلَّطُوا عَلَيْهِ. وَكَذَا قَالَ قَتَادَةُ.
وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: لِأَنَّهُ لَمْ يُرِده أَحَدٌ بِسُوءٍ إِلَّا هَلَكَ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَر، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: إِنَّمَا سُمِّيَ الْبَيْتَ الْعَتِيقَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ أَعْتَقَهُ مِنَ الْجَبَابِرَةِ (?) .
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، أخبرني