105

جُمْلَةِ وَعْدِ اللَّهِ الَّذِي لَا يُخْلَفُ وَلَا يُبَدَّلُ، وَهُوَ الْقَادِرُ عَلَى ذَلِكَ. وَلِهَذَا قَالَ: {إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} .

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا وَكِيع وَابْنُ جَعْفَرٍ الْمَعْنَى (?) ، قَالَا (?) : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْر، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَوْعِظَةٍ فَقَالَ: "إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلا كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ، وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ"؛ وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ، أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ. وَرَوَاهُ (?) الْبُخَارِيُّ عِنْدَ هَذِهِ الْآيَةِ فِي كِتَابِهِ (?) .

وَقَدْ رَوَى لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ (?) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَحْوَ ذَلِكَ.

وَقَالَ الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} قَالَ: نُهْلِكُ كُلَّ شَيْءٍ، كَمَا كَانَ أَوَّلَ مَرَّةٍ.

{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105) إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ (106) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107) } .

يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَمَّا حَتَّمَهُ وَقَضَاهُ لِعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ، مِنَ السَّعَادَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَوِرَاثَةِ الْأَرْضِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الأرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الْأَعْرَافِ:128] . وَقَالَ: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهَادُ} [غَافِرٍ:51] . وَقَالَ: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ [وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا] (?) } ،الْآيَةَ [النُّورِ:55] .وَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ هَذَا مَكْتُوبٌ مَسْطُورٌ فِي الْكُتُبِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْقَدَرِيَّةِ فَهُوَ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ} ، قَالَ الْأَعْمَشُ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَير عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ} فَقَالَ الزَّبُورُ: التَّوْرَاةُ، وَالْإِنْجِيلُ، وَالْقُرْآنُ (?) .

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الزَّبُورُ: الْكِتَابُ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ: الزَّبُورُ: الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى دَاوُدَ، وَالذِّكْرُ: التَّوْرَاةُ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الزَّبُورُ: الْقُرْآنُ.

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَير: الذِّكْرُ: الَّذِي في السماء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015