83

تَعَالَى (?) حَتَّى تَضَعَهُ (?) . الرِّيحُ حَيْثُ شَاءَ أَنْ تَضَعَهُ (?)

وَقَوْلُهُ: {وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ} أَيْ: فِي الْمَاءِ يَسْتَخْرِجُونَ اللَّآلِئَ [وَغَيْرَ ذَلِكَ. {وَيَعْمَلُونَ عَمَلا دُونَ ذَلِكَ} أَيْ: غَيْرَ ذَلِكَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ *] (?) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأصْفَادِ} . [ص: 37، 38] .

وَقَوْلُهُ: {وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ} (?) أَيْ: يَحْرُسُهُ اللَّهُ أَنْ يَنَالَهُ أَحَدٌ مِنَ الشَّيَاطِينِ بِسُوءٍ، بَلْ كُلٌّ فِي قَبْضَتِهِ وَتَحْتَ قَهْرِهِ لَا يَتَجَاسَرُ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى الدُّنُوِّ إِلَيْهِ وَالْقُرْبِ مِنْهُ، بَلْ هُوَ مُحَكَّم (?) فِيهِمْ، إِنْ شَاءَ أَطْلَقَ، وَإِنْ شَاءَ حَبَسَ مِنْهُمْ مَنْ يَشَاءُ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأصْفَادِ}

{وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (84) } .

يَذْكُرُ تَعَالَى عَنْ أَيُّوبَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، مَا كَانَ أَصَابَهُ مِنَ الْبَلَاءِ، فِي مَالِهِ وَوَلَدِهِ وَجَسَدِهِ (?) ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ مِنَ الدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ شَيْءٌ كَثِيرٌ، وَأَوْلَادٌ كَثِيرَةٌ، وَمَنَازِلُ مَرْضِيَّةٌ. فَابْتُلِيَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَذَهَبَ عَنِ آخِرِهِ، ثُمَّ ابْتُلِيَ فِي جَسَدِهِ -يُقَالُ: بِالْجُذَامِ فِي سَائِرِ بَدَنِهِ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ سَلِيمٌ سِوَى قَلْبِهِ وَلِسَانِهِ، يَذْكُرُ بِهِمَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، حَتَّى عَافَهُ الْجَلِيسُ، وأفردَ فِي نَاحِيَةٍ مِنَ الْبَلَدِ، وَلَمْ يَبْقَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ (?) يَحْنُو عَلَيْهِ سِوَى زَوْجَتِهِ، كَانَتْ تَقُومُ بِأَمْرِهِ (?) ، وَيُقَالُ: إِنَّهَا احْتَاجَتْ فَصَارَتْ تَخْدِمُ النَّاسَ مِنْ أَجْلِهِ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَشَدُّ النَّاسِ بَلَاءً الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الصَّالِحُونَ، ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ" (?) وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: "يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى قَدْرِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ صَلَابَةٌ زِيدَ فِي بَلَائِهِ" (?) .

وَقَدْ كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ أَيُّوبُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، غَايَةً فِي الصَّبْرِ، وَبِهِ يُضْرَبُ الْمَثَلُ فِي ذَلِكَ.

وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ مَيْسَرَةَ: لَمَّا ابْتَلَى اللَّهُ أَيُّوبَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، بِذَهَابِ الْأَهْلِ وَالْمَالِ وَالْوَلَدِ، ولم له يبق شَيْءٌ، أَحْسَنَ الذَّكَرَ، ثُمَّ قَالَ: أَحْمَدُكَ رَبَّ الْأَرْبَابِ، الَّذِي أَحْسَنْتَ إِلَيَّ، أَعْطَيْتَنِي الْمَالَ وَالْوَلَدَ، فَلَمْ يَبْقَ مِنْ قَلْبِي شُعْبَةٌ، إِلَّا قَدْ دَخَلَهُ ذَلِكَ، فَأَخَذْتُ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنِّي، وفرَّغت قَلْبِي، لَيْسَ يَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ شَيْءٌ، لَوْ يَعْلَمُ عَدُوِّي إِبْلِيسُ بِالَّذِي صَنَعْتُ، حَسَدَنِي. قَالَ: فَلَقِيَ إِبْلِيسُ مِنْ ذَلِكَ مُنْكَرًا.

قَالَ: وَقَالَ أَيُّوبُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا رَبِّ، إِنَّكَ أَعْطَيْتَنِي الْمَالَ وَالْوَلَدَ، فَلَمْ يَقُمْ عَلَى بَابِي أَحَدٌ يَشْكُونِي لِظُلْمٍ ظَلَمْتُهُ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ ذَلِكَ. وَأَنَّهُ كَانَ يُوطَأُ لِيَ الْفِرَاشُ فَأَتْرُكُهَا وَأَقُولُ لِنَفْسِي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015