تَقَدَّمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَى آدَمَ وَزَوْجَتِهِ أَنَّ يَأْكُلَا مِنْ كُلِّ الثِّمَارِ، وَلَا يَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ الْمُعَيَّنَةَ فِي الْجَنَّةِ. فَلَمْ يَزَلْ بِهِمَا إِبْلِيسُ حَتَّى أَكَلَا مِنْهَا، وَكَانَتْ شجرةَ الْخُلْدِ -يَعْنِي: الَّتِي مَنْ أَكَلَ مِنْهَا خُلِّدَ وَدَامَ مُكْثُهُ. وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ شَجَرَةِ الْخُلْدِ، فَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي الضَّحَّاكِ (?) سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ، مَا يَقْطَعُهَا وَهِيَ شَجَرَةُ الْخُلْدِ". وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ. (?) .
وَقَوْلُ: {فَأَكَلا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا} قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ:
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِشْكَابَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبة، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ رَجُلًا طِوَالًا كَثِيرَ شَعْرِ (?) الرَّأْسِ، كَأَنَّهُ نَخْلَةٌ سَحُوق. فَلَمَّا ذَاقَ الشَّجَرَةَ سَقَطَ عَنْهُ لِبَاسُهُ، فَأَوَّلُ مَا بَدَا مِنْهُ عَوْرَتُهُ. فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى عَوْرَتِهِ جَعَلَ يَشْتَد فِي الْجَنَّةِ، فأخذتْ شعرَه شَجَرَةٌ، فَنَازَعَهَا، فَنَادَى الرَّحْمَنُ: يَا آدَمُ، منِّي تَفِرُّ؟ فَلَمَّا سَمِعَ كَلَامَ الرَّحْمَنِ قَالَ: يَا رَبِّ، لَا وَلَكِنِ اسْتِحْيَاءً (?) أَرَأَيْتَ إِنْ تُبْتُ وَرَجَعْتُ، أَعَائِدِي إِلَى الْجَنَّةِ؟ قَالَ: نَعَمْ" فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ} (?)
وَهَذَا مُنْقَطِعٌ بَيْنَ الْحَسَنِ وأُبيّ بْنِ كَعْبٍ، فَلَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ، وَفِي رَفْعِهِ نَظَرٌ أَيْضًا.
وَقَوْلُهُ: {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} قَالَ مُجَاهِدٌ: يُرَقِّعَانِ كَهَيْئَةِ الثَّوْبِ. وَكَذَا قَالَ قَتَادَةُ، وَالسُّدِّيُّ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ، عَنْ (?) عَوْنٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ المِنْهال، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} قَالَ: يَنْزِعَانِ وَرَقَ التِّينِ، فَيَجْعَلَانِهِ عَلَى سَوْآتِهِمَا.
وَقَوْلُهُ: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ النَّجَّارِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "حَاجَّ مُوسَى آدَمَ، فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ الَّذِي أَخْرَجْتَ النَّاسَ مِنَ الْجَنَّةِ بِذَنْبِكَ وَأَشْقَيْتَهُمْ؟ قَالَ آدَمُ: يَا مُوسَى، أَنْتَ الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالَاتِهِ وَبِكَلَامِهِ، أَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي -أَوْ: قَدَّرَهُ اللَّهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي -" قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فحج آدم موسى". (?)