وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَيْضًا: حَدَّثَنَا الْمُنْذِرُ بْنُ شَاذَانَ، حَدَّثَنَا هَوْذَة، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ غَالِبِ بْنِ عَجْرَد، حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فِي مَسْجِدِ مِنَى قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ اللَّهَ لَمَّا خَلَقَ الْأَرْضَ وَخَلَقَ مَا فِيهَا مِنَ الشَّجَرِ، لَمْ يَكُنْ فِي الْأَرْضِ شَجَرَةٌ يَأْتِيهَا بَنُو آدَمَ إِلَّا أَصَابُوا مِنْهَا مَنْفَعَةً -أَوْ قَالَ: كَانَ لَهُمْ فِيهَا مَنْفَعَةٌ-وَلَمْ تَزَلِ الْأَرْضُ وَالشَّجَرُ بِذَلِكَ، حَتَّى تَكَلَّمَ فَجَرَةُ بَنِي آدَمَ بِتِلْكَ الْكَلِمَةِ الْعَظِيمَةِ، قَوْلِهِمُ: {اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا} فَلَمَّا تَكَلَّمُوا بِهَا اقْشَعَرَّتِ الْأَرْضُ، وَشَكَاكَ الشَّجَرُ.
وَقَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ: غَضِبَتِ الْمَلَائِكَةُ، وَاسْتَعَرَتِ النَّارُ (?) ، حِينَ قَالُوا مَا قَالُوا.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ أَبِي مُوسَى، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا أَحَدٌ (?) أَصْبَرُ عَلَى أَذًى يَسْمَعُهُ (?) مِنَ اللَّهِ، إِنَّهُ يُشْرَكُ بِهِ، وَيُجْعَلُ لَهُ وَلَدًا، وَهُوَ يُعَافِيهِمْ وَيَدْفَعُ عَنْهُمْ وَيَرْزُقُهُمْ".
أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ (?) وَفِي لَفْظٍ: "إِنَّهُمْ يَجْعَلُونَ لَهُ وَلَدًا، وَهُوَ يرزُقُهم وَيُعَافِيهِمْ".
وَقَوْلُهُ: {وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا} أَيْ: لَا يَصْلُحُ لَهُ، وَلَا يَلِيقُ بِهِ لِجَلَالِهِ وَعَظَمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا كُفْءَ لَهُ مِنْ خَلْقِهِ (?) ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الْخَلَائِقِ عَبِيدٌ لَهُ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ إِلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا} أَيْ: قَدْ عَلِمَ عَدَدَهم مُنْذُ خَلْقَهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، ذَكَرهم وَأُنْثَاهُمْ وَصَغِيرَهُمْ وَكَبِيرَهُمْ،
{وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} أَيْ: لَا نَاصِرَ لَهُ وَلَا مُجِيرَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، فَيَحْكُمُ فِي خَلْقِهِ بِمَا يَشَاءُ، وَهُوَ الْعَادِلُ الَّذِي لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرّة، وَلَا يظلم أحدا.