وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَيْضًا: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَة، عَنْ عَمْرٍو، أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يُخَاصِمُ نَافِعَ بْنَ الْأَزْرَقِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْوُرُودُ (?) الدُّخُولُ؟ فَقَالَ نَافِعٌ: لَا فَقَرَأَ ابْنَ عَبَّاسٍ: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} [الْأَنْبِيَاءِ: 98] وَرَدُوا أَمْ لَا؟ وَقَالَ: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ} [هُودٍ: 98] أورْدٌ هُوَ (?) أَمْ لَا؟ أَمَّا أَنَا وَأَنْتَ فَسَنَدْخُلُهَا، فَانْظُرْ هَلْ نَخْرُجُ مِنْهَا أَمْ لَا؟ وَمَا أَرَى اللَّهَ مُخْرِجَكَ مِنْهَا بِتَكْذِيبِكَ فَضَحِكَ نَافِعٌ (?) .
وَرَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: قَالَ أَبُو رَاشِدٍ الحَرُوري -وَهُوَ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ-: {لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا} [الْأَنْبِيَاءِ: 102] فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَيْلَكَ: أَمَجْنُونٌ أَنْتَ؟ أَيْنَ قَوْلُهُ: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ} [هُودٍ: 98] ، {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا} [مَرْيَمَ: 86] ، {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا} ؟ وَاللَّهِ إِنْ كَانَ دُعَاءُ مَنْ مَضَى: اللَّهُمَّ أَخْرِجْنِي مِنَ النَّارِ سَالِمًا، وَأَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ غَانِمًا (?) .
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمُحَارِبِيُّ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو رَاشِدٍ، وَهُوَ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ، فَقَالَ لَهُ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، أَرَأَيْتَ قَوْلَ اللَّهِ: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا} ؟ قَالَ: أَمَّا أَنَا وَأَنْتَ يَا أَبَا رَاشِدٍ فَسَنَرِدُهَا، فَانْظُرْ: هَلْ نَصْدُرُ عَنْهَا أَمْ لَا (?) .
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: قَالَ شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ السَّائِبِ، عَمَّنْ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقْرَؤُهَا [كَذَلِكَ] (?) : "وَإِنْ مِنْهُمْ إِلَّا وَارِدُهَا" يَعْنِي: الْكُفَّارَ (?)
وَهَكَذَا رَوَى عَمْرُو بْنُ الْوَلِيدِ الشَّنِّي (?) ، أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَةَ يَقْرَؤُهَا كَذَلِكَ: "وَإِنْ مِنْهُمْ إِلَّا وَارِدُهَا"، قَالَ: وَهُمُ الظَّلَمَةُ. كَذَلِكَ كُنَّا نَقْرَؤُهَا. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ جَرِيرٍ.
وَقَالَ الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا} يَعْنِي: الْبَرَّ وَالْفَاجِرَ، أَلَا تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِ اللَّهِ لِفِرْعَوْنَ: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ} {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا} ، فَسَمَّى الْوُرُودَ فِي النَّارِ دُخُولًا وَلَيْسَ بِصَادِرٍ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ مُرَّة، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ -هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ- {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا} قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَرِدُ النَّاسُ [النَّارَ] (?) كلهم، ثم يصدرون عنها بأعمالهم".