54

وَهَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ، وَأَبُو الْعَالِيَةِ، وَغَيْرُهُمْ. يَعْنُونَ صَرِيفَ الْقَلَمِ بِكِتَابَةِ التَّوْرَاةِ.

وَقَالَ السُّدِّيُّ: {وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} قَالَ: أُدْخِلَ فِي السَّمَاءِ فَكُلِّمَ، وَعَنْ مجاهد نَحْوَهُ.

وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَر، عَنْ قَتَادَةَ: {وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} قَالَ: نَجَا بِصِدْقِهِ (?)

قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْحَرَّانِيُّ، عَنْ أَبِي الْوَصْلِ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَب، عن عمرو بن معد يكرب قَالَ: لَمَّا قَرَّبَ اللَّهُ مُوسَى نَجِيًّا بِطُورِ سَيْنَاءَ، قَالَ: يَا مُوسَى، إِذَا خَلَقْتُ لَكَ قَلْبًا شَاكِرًا، وَلِسَانًا ذَاكِرًا، وَزَوْجَةً تُعِينُ عَلَى الْخَيْرِ، فَلَمْ أُخَزِّنْ عَنْكَ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا، وَمَنْ أُخَزِّنُ عَنْهُ هَذَا فَلَمْ أَفْتَحْ لَهُ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا.

وَقَوْلُهُ: {وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا} أَيْ: وَأَجَبْنَا سُؤَالَهُ وَشَفَاعَتَهُ فِي أَخِيهِ، فَجَعَلْنَاهُ نَبِيًّا، كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ} [الْقَصَصِ: 34] ، وَقَالَ (?) : {قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى} [طَهَ: 36] ، وَقَالَ: {فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ. وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ} [الشُّعَرَاءِ: 13، 14] ؛ وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: مَا شُفِّعَ أَحَدٌ فِي أَحَدٍ شَفَاعَةً فِي الدُّنْيَا أَعْظَمُ مِنْ شَفَاعَةِ مُوسَى فِي هَارُونَ أَنْ يَكُونَ نَبِيًّا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا} .

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّة، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَوْلُهُ: {وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا} ، قَالَ: كَانَ هَارُونُ أَكْبَرَ مِنْ مُوسَى، وَلَكِنْ أَرَادَ: وَهَبَ لَهُ نُبُوَّتَهُ.

وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مُعَلَّقًا، عَنْ يَعْقُوبَ وَهُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، بِهِ.

{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولا نَبِيًّا (54) وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (55) } .

هَذَا (?) ثَنَاءٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَهُوَ وَالِدُ عَرَبِ الْحِجَازِ كُلِّهِمْ بِأَنَّهُ {كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ}

قَالَ (?) ابْنُ جُرَيْجٍ: لَمْ يَعدْ رَبَّهُ عِدَةً إِلَّا أَنْجَزَهَا، يَعْنِي: مَا الْتَزَمَ قَطُّ عِبَادَةً (?) بِنَذْرٍ إِلَّا قَامَ بِهَا، وَوَفَّاهَا حَقَّهَا.

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ سَهْلَ بْنَ عَقِيلٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ إِسْمَاعِيلَ النَّبِيَّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَعَدَ رَجُلًا مَكَانًا أَنْ يَأْتِيَهُ، فَجَاءَ وَنَسِيَ الرَّجُلُ، فَظَلَّ بِهِ إِسْمَاعِيلُ وَبَاتَ حَتَّى جَاءَ الرَّجُلُ مِنَ الْغَدِ، فَقَالَ: مَا بَرِحْتَ مِنْ هَاهُنَا؟ قَالَ: لَا. قَالَ: إِنِّي نَسِيتُ. قَالَ: لَمْ أَكُنْ لِأَبْرَحَ حَتَّى تَأْتِيَنِي. فلذلك {كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ} .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015