فَمَا بَرحُوا حَتَّى تَهَادَتْ نسَاؤهُم ... بِبَطْحَاء ذِي قَارٍ عيابَ اللطَائم (?)
قَالَ قَتَادَةُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ: وَهُمَا بَحْرُ فَارِسَ مِمَّا يَلِي الْمَشْرِقَ، وَبَحْرُ الرُّومِ مِمَّا يَلِي الْمَغْرِبَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ القُرظي: مَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ عِنْدَ طَنْجَةَ، يَعْنِي فِي أَقْصَى بِلَادِ الْمَغْرِبِ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ: {أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا} أَيْ: وَلَوْ أَنِّي أَسِيرُ حُقُبًا مِنَ الزَّمَانِ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ: ذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ أَنَّ الحُقُب فِي لُغَةِ قَيْسٍ (?) : سَنَةٌ. ثُمَّ قَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ: الحُقُب ثَمَانُونَ سَنَةً. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: سَبْعُونَ خَرِيفًا. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: {أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا} قَالَ: دَهْرًا. وَقَالَ قَتَادَةُ، وَابْنُ زَيْدٍ، مِثْلَ ذَلِكَ.
وَقَوْلُهُ: {فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا} ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ قَدْ أُمِرَ بِحَمْلِ حُوتٍ مَمْلُوحٍ مَعَهُ، وَقِيلَ لَهُ: مَتَى فقدتَ الْحُوتَ فَهُوَ ثَمّة. فَسَارَا حَتَّى بَلَغَا مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ؛ وَهُنَاكَ عَيْنٌ يُقَالُ لَهَا: "عَيْنُ الْحَيَاةِ"، فَنَامَا هُنَالِكَ، وَأَصَابَ الْحُوتُ مِنْ رَشَاشِ ذَلِكَ الْمَاءِ فَاضْطَرَبَ (?) ، وَكَانَ فِي مِكْتَلٍ مَعَ يُوشَعَ [عَلَيْهِ السَّلَامُ] (?) ، وطَفَر مِنَ المَكْتل إِلَى الْبَحْرِ، فَاسْتَيْقَظَ يُوشع، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَسَقَطَ الْحُوتُ فِي الْبَحْرِ وَجَعَلَ يَسِيرُ فِيهِ، وَالْمَاءُ لَهُ مِثْلُ الطَّاقِ لَا يَلْتَئِمُ بَعْدَهُ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا} أَيْ: مِثْلَ السَرَب في الأرض.
قال ابن جريح (?) : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: صَارَ أَثَرُهُ كَأَنَّهُ حَجَر.
وَقَالَ الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: جَعَلَ الْحُوتُ لَا يَمَسُّ شَيْئًا مِنَ الْبَحْرِ إِلَّا يَبِسَ حتى يكون صخرة (?) .
وقال محمد -[هو] (?) بْنُ إِسْحَاقَ-عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبيد اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَاسٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ ذَكَرَ حَدِيثَ ذَلِكَ: "مَا انْجَابَ مَاءٌ مُنْذُ كَانَ النَّاسُ غَيْرُهُ ثَبَتَ (?) مَكَانَ الْحُوتِ الَّذِي فِيهِ، فَانْجَابَ كالكُوّة حَتَّى رَجَعَ إِلَيْهِ مُوسَى فَرَأَى مَسْلَكَهُ"، فَقَالَ: {ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ} .
وَقَالَ قَتَادَةُ: سَرب مِنَ الْبَرِّ (?) ، حَتَّى أَفْضَى إِلَى الْبَحْرِ، ثُمَّ سَلَكَ فِيهِ فَجَعَلَ لَا يَسْلُكُ فِيهِ طَرِيقًا إِلَّا جُعِلَ (?) مَاءً جَامِدًا.
وَقَوْلُهُ: {فَلَمَّا جَاوَزَا} أَيِ: الْمَكَانَ الَّذِي نَسِيَا الْحُوتَ فِيهِ، ونُسب النسيان إليهما وإن كان يُوشَع