وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ كَالدَّمِ وَالْقَيْحِ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي انْتَهَى حَرّه: وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ كُلُّ شَيْءٍ أُذِيبَ.

وَقَالَ قَتَادَةُ: أَذَابَ ابنُ مَسْعُودٍ شَيْئًا مِنَ الذَّهَبِ فِي أُخْدُودٍ، فَلَمَّا انْمَاعَ وَأَزْبَدَ قَالَ: هَذَا أَشْبَهُ شَيْءٍ بِالْمُهْلِ.

وَقَالَ الضَّحَّاكُ: مَاءُ جَهَنَّمَ أَسْوَدُ، وَهِيَ سَوْدَاءُ وَأَهْلُهَا (?) سُودٌ.

وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْهَا يَنْفِي الْآخَرَ، فَإِنَّ الْمُهْلَ يَجْمَعُ هَذِهِ الْأَوْصَافَ الرَّذِيلَةَ كُلَّهَا، فَهُوَ أَسْوَدُ مُنْتِنٌ غَلِيظٌ حَارٌّ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {يَشْوِي الْوُجُوهَ} أَيْ: مِنْ حَرِّهِ، إِذَا أَرَادَ الْكَافِرُ أَنْ يَشْرَبَهُ وقَرّبه مِنْ وَجْهِهِ، شَوَاهُ حَتَّى يَسْقُطَ جِلْدُ وَجْهِهِ فِيهِ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادِهِ الْمُتَقَدِّمِ فِي سُرادِق النَّارِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "مَاءٍ كَالْمُهْلِ". قَالَ (?) كَعَكْرِ الزَّيْتِ فَإِذَا قَرَّبَهُ إِلَيْهِ سَقَطَتْ فَرْوَةُ وَجْهِهِ فِيهِ" (?) وَهَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي "صِفَةِ النَّارِ" مِنْ جَامِعِهِ، مِنْ حَدِيثِ رِشْدِين بْنِ سَعْدٍ (?) عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ دَرَّاجٍ، بِهِ (?) ثُمَّ قَالَ: لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ "رِشْدِينَ"، وَقَدْ تُكُلِّمَ فِيهِ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ،، هَكَذَا قَالَ، وَقَدْ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ حَسَنٍ الْأَشْيَبِ، عَنِ ابْنِ لَهِيعة، عَنْ دَرّاج، وَاللَّهُ أَعْلَمُ (?) .

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، وبَقِيَّة بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْر، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ: {وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ} [إِبْرَاهِيمَ:16، 17] قَالَ: "يُقَرَّبُ إِلَيْهِ فيَتَكرّهه، فَإِذَا قُرِّبَ مِنْهُ شَوَى وجهَه وَوَقَعَتْ فروةُ رَأْسِهِ، فَإِذَا شَرِبَهُ (?) قَطَّعَ أَمْعَاءَهُ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ} .

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: إِذَا جَاعَ أَهْلُ النَّارِ اسْتَغَاثُوا بِشَجَرَةِ الزَّقُّومِ، فَأَكَلُوا (?) مِنْهَا فَاخْتَلَسَتْ جُلُودَ وُجُوهِهِمْ، فَلَوْ أَنَّ مَارًّا مَرَّ بِهِمْ يَعْرِفُهُمْ، لَعَرَفَ جُلُودَ وُجُوهِهِمْ فِيهَا. ثُمَّ يَصُبُّ عَلَيْهِمُ الْعَطَشَ فَيَسْتَغِيثُونَ. فَيُغَاثُونَ بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ، وَهُوَ الَّذِي قَدِ انْتَهَى حَرُّهُ، فَإِذَا أَدْنَوْهُ مِنْ أَفْوَاهِهِمُ اشْتَوَى مِنْ حَرِّهِ لُحُومُ (?) وُجُوهِهِمُ الَّتِي قَدْ سَقَطَتْ عَنْهَا الْجُلُودُ.

وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى بَعْدَ وَصْفِهِ هَذَا الشَّرَابَ بِهَذِهِ (?) الصِّفَاتِ [الذَّمِيمَةِ] (?) الْقَبِيحَةِ: {بِئْسَ الشَّرَابُ} أَيْ: بِئْسَ هَذَا الشَّرَابُ (?) كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} [مُحَمَّدٍ:15] وَقَالَ تَعَالَى: {تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ} [الْغَاشِيَةِ:5] (?) أَيْ: حَارَّةٍ، كَمَا قَالَ: {وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} [الرَّحْمَنِ:44]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015