فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: قَدْ قُلْنَا لَكُمْ لَا تَسْأَلُوهُ.

وَهَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ، بِهِ (?) . وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ عِنْدَ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: بَيْنَا أَنَا مَعَ النَّبِيِّ (?) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَرْث، وَهُوَ مُتَوَكِّئٌ (?) عَلَى عَسِيبٍ، إِذْ مَرَّ الْيَهُودُ (?) فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ، فَقَالَ: مَا رَابَكُمْ (?) إِلَيْهِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَسْتَقْبِلَنَّكُمْ بِشَيْءٍ تَكْرَهُونَهُ. فَقَالُوا سَلُوهُ فَسَأَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ، فَأَمْسَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم فلم يرد عليه شَيْئًا، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ، فَقُمْتُ مَقَامِي، فَلَمَّا نَزَلَ الْوَحْيُ قَالَ: {وَيَسْأَلُونَكَ (?) عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} الْآيَةَ (?) .

وَهَذَا السِّيَاقُ يَقْتَضِي (?) فِيمَا يَظْهَرُ بَادِيَ الرَّأْيِ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَدَنِيَّةٌ، وَأَنَّهَا إِنَّمَا نَزَلَتْ حِينَ سَأَلَهُ الْيَهُودُ، عَنْ ذَلِكَ بِالْمَدِينَةِ، مَعَ أَنَّ السُّورَةَ كُلَّهَا مَكِّيَّةٌ. وَقَدْ يُجَابُ عَنْ هَذَا: بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ نَزَلَتْ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ مَرَّةً ثَانِيَةً كَمَا نَزَلَتْ عَلَيْهِ بِمَكَّةَ قَبْلَ ذَلِكَ، أَوْ أَنَّهُ نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ بِأَنَّهُ يُجِيبُهُمْ عَمَّا سَأَلُوا بِالْآيَةِ الْمُتَقَدَّمِ إِنْزَالُهَا عَلَيْهِ، وَهِيَ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ} وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ بِمَكَّةَ مَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ:

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَتْ قُرَيْشٌ لِيَهُودَ: أَعْطُونَا شَيْئًا نَسْأَلُ عَنْهُ هَذَا الرَّجُلَ. فَقَالُوا: سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ. فَسَأَلُوهُ، فَنَزَلَتْ: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا} قَالُوا: أُوتِينَا عِلْمًا كَثِيرًا، أُوتِينَا التَّوْرَاةَ، وَمَنْ أُوتِيَ التَّوْرَاةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا. قَالَ: وَأَنَزْلَ اللَّهُ: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} [الْكَهْفِ: 109] (?) .

وَقَدْ رَوَى ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: سَأَلَ أهلُ الْكِتَابِ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الرُّوحِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا} فَقَالُوا يَزْعُمُ (?) أَنَّا لَمْ نُؤْتَ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا وَقَدْ أُوتِينَا التَّوْرَاةَ، وَهِيَ الْحِكْمَةُ {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} ؟ [الْبَقَرَةِ: 269] قَالَ: فَنَزَلَتْ: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ} [لُقْمَانَ: 27] . قَالَ: مَا أُوتِيتُمْ مِنْ عِلْمٍ، فَنَجَّاكُمُ اللَّهُ بِهِ مِنَ النَّارِ، فَهُوَ كَثِيرٌ طَيِّبٌ وَهُوَ فِي عِلْمِ اللَّهِ قَلِيلٌ (?) .

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: نَزَلَتْ بِمَكَّةَ: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا} فَلَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ، أَتَاهُ أَحْبَارُ يَهُودَ. وَقَالُوا يا محمد، ألم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015