الْأَنْهَارُ، كَمَا وَصَفَ النَّارَ بِأَنَّ وَقُودَهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ، وَمَعْنَى {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ} أَيْ: مِنْ تَحْتِ أَشْجَارِهَا وَغُرَفِهَا، وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: أَنَّ أَنْهَارَهَا تَجْرِي مِنْ (?) غَيْرِ أُخْدُودٍ، وَجَاءَ فِي الْكَوْثَرِ أَنَّ حَافَّتَيْهِ قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ الْمُجَوَّفِ، وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا، وَطِينُهَا الْمِسْكُ الْأَذْفَرُ، وَحَصْبَاؤُهَا اللُّؤْلُؤُ وَالْجَوْهَرُ، نَسْأَلُ اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ [وَكَرَمِهِ] (?) إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: قُرِئَ عَلَى الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْبَانَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنْهَارُ الْجَنَّةِ تُفَجَّر مِنْ تَحْتِ تِلَالِ -أَوْ مِنْ تَحْتِ جِبَالِ-الْمِسْكِ" (?) .
وَقَالَ أَيْضًا: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَنْهَارُ الْجَنَّةِ تَفْجُرُ مِنْ جَبَلِ مِسْكٍ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ} قَالَ السُّدِّيُّ فِي تَفْسِيرِهِ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَنْ مُرّة عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَنْ نَاسٍ مِنَ الصَّحَابَةِ: {قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ} قَالَ: إِنَّهُمْ أَتَوْا بِالثَّمَرَةِ فِي الْجَنَّةِ، فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَيْهَا قَالُوا: هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ فِي [دَارِ] (?) الدُّنْيَا.
وَهَكَذَا قَالَ قَتَادَةُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَنَصَرَهُ ابْنُ جَرِيرٍ.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ: {قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ} قَالَ: مَعْنَاهُ: مِثْلُ الَّذِي كَانَ بِالْأَمْسِ، وَكَذَا قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: يَقُولُونَ: مَا أَشْبَهَهُ بِهِ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ تَأْوِيلُ ذَلِكَ هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ مِنْ قَبْلِ هَذَا (?) لِشَدَّةٍ مُشَابَهَةِ بَعْضِهِ بَعْضًا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا} قَالَ سُنَيْد بْنُ دَاوُدَ: حَدَّثَنَا شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ المِصِّيصة، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: يُؤْتَى أَحَدُهُمْ بِالصَّحْفَةِ (?) مِنَ الشَّيْءِ، فَيَأْكُلُ مِنْهَا ثُمَّ يُؤْتَى (?) بِأُخْرَى فَيَقُولُ: هَذَا الَّذِي أُوتِينَا بِهِ مِنْ قَبْلُ. فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ: كُلْ، فَاللَّوْنُ وَاحِدٌ، وَالطَّعْمُ مُخْتَلِفٌ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَامِرُ (?) بْنُ يَسَاف، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: عُشْبُ الْجَنَّةِ الزَّعْفَرَانُ، وَكُثْبَانُهَا الْمِسْكُ، وَيَطُوفُ عَلَيْهِمُ الْوِلَدَانُ بِالْفَوَاكِهِ فَيَأْكُلُونَهَا (?) ثُمَّ يُؤْتَوْنَ بِمِثْلِهَا، فَيَقُولُ لَهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ: هَذَا الَّذِي أَتَيْتُمُونَا آنِفًا بِهِ، فَيَقُولُ لَهُمُ الْوِلَدَانُ: كُلُوا، فَإِنَّ اللَّوْنَ وَاحِدٌ، وَالطَّعْمُ مُخْتَلِفٌ. وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا}
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ: {وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا} قَالَ: يشبه