قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يَقُولُ: لَا تَقُلْ.
وَقَالَ الْعَوْفِيُّ عَنْهُ: لَا تَرْم أَحَدًا بِمَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بن الحَنفية: يَعْنِي شَهَادَةَ الزُّورِ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: لَا تَقُلْ: رَأَيْتُ، وَلَمْ تَرَ، وَسَمِعْتُ، وَلَمْ تُسْمِعْ، وَعَلِمْتُ، وَلَمْ تَعْلَمْ؛ فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُكَ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ.
وَمَضْمُونُ مَا ذَكَرُوهُ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَهَى عَنِ الْقَوْلِ بِلَا عِلْمٍ، بَلْ بِالظَّنِّ الَّذِي هُوَ التَّوَهُّمُ وَالْخَيَالُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [الْحُجُرَاتِ: 12] ، وَفِي الْحَدِيثِ: "إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ؛ فَإِنَّ الظَّنَّ أكذبُ الْحَدِيثِ" (?) . وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ: "بِئْسَ مطيةُ الرَّجُلِ: زَعَمُوا" (?) ، وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: "إِنَّ أَفَرَى الفِرَى أَنْ يُرِي (?) عَيْنَيْهِ مَا لَمْ تَرَيَا" (?) . وَفِي الصَّحِيحِ: "مَنْ تَحَلَّمَ حُلْمًا كُلف يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَعْقِدَ بَيْنَ شَعيرتين، وَلَيْسَ بِعَاقِدٍ (?) (?) .
وَقَوْلُهُ: {كُلُّ أُولَئِكَ} أَيْ: هَذِهِ الصِّفَاتُ مِنَ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْفُؤَادِ {كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا} أَيْ: سَيُسْأَلُ الْعَبْدُ عَنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وتُسأل (?) عَنْهُ وَعَمَّا عَمِلَ فِيهَا. وَيَصِحُّ اسْتِعْمَالُ "أُولَئِكَ" مَكَانَ "تِلْكَ"، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ (?) .
ذُمَّ المَنَازلَ بَعْدَ مَنزلة اللِّوَى ... وَالْعَيْش بَعْدَ أولئِكَ الْأَيَّامِ ...
{وَلا تَمْشِ فِي الأرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولا (37) كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا (38) } .
يَقُولُ تَعَالَى نَاهِيًا عِبَادَهُ، عَنِ التَّجَبّر وَالتَّبَخْتُرِ فِي الْمِشْيَةِ: {وَلا تَمْشِ فِي الأرْضِ مَرَحًا} أَيْ: مُتَبَخْتِرًا مُتَمَايِلًا مَشْيَ الجَبَّارين {إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأرْضَ} أَيْ: لَنْ تَقْطَعَ الْأَرْضَ بِمِشْيَتِكَ (?) قَالَهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَاسْتَشْهَدَ عَلَيْهِ بِقَوْلِ رُؤبة بْنِ العَجَّاج:
وقَاتِم الأعْمَاق خَاوي المُخترقْ (?)
وَقَوْلُهُ [تَعَالَى] (?) : {وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولا} أَيْ: بِتَمَايُلِكَ وَفَخْرِكَ وَإِعْجَابِكَ بنفسك، بل قد