16

{وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16) وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17) إِلا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ (18) وَالأرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ (19) وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ (20) }

يَذْكُرُ تَعَالَى خَلْقَهُ السَّمَاءَ فِي ارْتِفَاعِهَا وَمَا زَيَّنَها بِهِ مِنَ الْكَوَاكِبِ الثَّوَاقِبِ، لِمَنْ تَأَمَّلَهَا، وَكَرَّرَ النَّظَرَ (?) فِيهَا، يَرَى فِيهَا مِنَ الْعَجَائِبِ وَالْآيَاتِ الْبَاهِرَاتِ، مَا يَحَارُ نَظَرُهُ فِيهِ. وَلِهَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: الْبُرُوجُ هَاهُنَا هِيَ: الْكَوَاكِبُ.

قُلْتُ: وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا} [الْفُرْقَانِ: 61] وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الْبُرُوجُ هِيَ: مَنَازِلُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ.

وَقَالَ عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ: الْبُرُوجُ هَاهُنَا: هِيَ قُصُورُ الْحَرَسِ (?)

وَجَعَلَ الشُهب حَرَسًا لَهَا مِنْ مَرَدة الشَّيَاطِينِ، لِئَلَّا يَسْمَعُوا (?) إِلَى الْمَلَأِ الْأَعْلَى، فَمَنْ تَمَرَّدَ مِنْهُمْ [وَتَقَدَّمَ] (?) لِاسْتِرَاقِ السَّمْعِ، جَاءَهُ {شِهَابٌ مُبِينٌ} فَأَتْلَفَهُ، فَرُبَّمَا يَكُونُ قَدْ أَلْقَى الْكَلِمَةَ الَّتِي سَمِعَهَا قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ الشِّهَابُ إِلَى الَّذِي هُوَ دُونَهُ، فَيَأْخُذُهَا الْآخَرُ، وَيَأْتِي بِهَا إِلَى وَلِيِّهِ، كَمَا جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي الصَّحِيحِ، كَمَا قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ:

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ (?) عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يبلُغُ بِهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "إِذَا قَضَى اللَّهُ الْأَمْرَ فِي السَّمَاءِ، ضَرَبَتِ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضعانًا لِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفوان". قَالَ عَلِيٌّ، وَقَالَ غَيْرُهُ: صَفْوَانٍ يَنفُذهم ذَلِكَ، فَإِذَا فُزّع عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا: الَّذِي قَالَ: الْحَقُّ، وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ. فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُو السَّمْعِ، وَمُسْتَرِقُو السمع،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015