النار بعد ما يَأْخُذُ نِقْمَتَهُ مِنْهُمْ"، وَقَالَ: "لَمَّا أَدْخَلَهُمُ اللَّهُ النَّارَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ قَالَ لَهُمُ الْمُشْرِكُونَ: تَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ فِي الدُّنْيَا، فَمَا بَالُكُمْ مَعَنَا فِي النَّارِ؟ فَإِذَا سَمِعَ اللَّهُ ذَلِكَ مِنْهُمْ، أَذِنَ فِي الشَّفَاعَةِ لَهُمْ فَتَشْفَعُ (?) الْمَلَائِكَةُ وَالنَّبِيُّونَ، وَيَشْفَعُ (?) الْمُؤْمِنُونَ، حَتَّى يَخْرُجُوا بِإِذْنِ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَى الْمُشْرِكُونَ ذَلِكَ، قَالُوا: يَا لَيْتَنَا كُنَّا مِثْلَهُمْ، فَتُدْرِكَنَا الشَّفَاعَةُ، فَنَخْرُجُ مَعَهُمْ". قَالَ: "فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} فَيُسَمَّوْنَ فِي الْجَنَّةِ الجُهَنَّمِيِّين (?) مِنْ أَجْلِ سَواد فِي وُجُوهِهِمْ، فَيَقُولُونَ: يَا رَبِّ، أَذْهِبْ عَنَّا هَذَا الِاسْمَ، فَيَأْمُرُهُمْ فَيَغْتَسِلُونَ فِي نَهْرِ الْجَنَّةِ، فَيَذْهَبُ ذَلِكَ الِاسْمُ عَنْهُمْ"، فَأَقَرَّ بِهِ أَبُو أُسَامَةَ، وَقَالَ: نَعَمْ. (?)
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ (?) وَقَالَ (?) ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّرْسِيُّ (?) حَدَّثَنَا مِسْكِينٌ أَبُو فَاطِمَةَ، حَدَّثَنِي الْيَمَانُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حِمْير (?) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إِلَى حُجْزَتِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إِلَى عنُقه، عَلَى قَدْرِ ذُنُوبِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْكُثُ فِيهَا شَهْرًا ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْكُثُ فِيهَا سَنَةً ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْهَا، وَأَطْوَلُهُمْ فِيهَا مُكْثًا بِقَدْرِ الدُّنْيَا مُنْذُ يَوْمِ خُلِقَتْ إِلَى أَنْ تَفْنَى، فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا قَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَمَنْ فِي النَّارِ مِنْ أَهْلِ (?) الْأَدْيَانِ وَالْأَوْثَانِ، لِمَنْ فِي النَّارِ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ: آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، فَنَحْنُ وَأَنْتُمُ الْيَوْمَ فِي النَّارِ سَوَاءً، فَيَغْضَبُ اللَّهُ لَهُمْ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْهُ لِشَيْءٍ فِيمَا مَضَى، فَيُخْرِجُهُمْ إِلَى عَيْنٍ فِي الْجَنَّةِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} (?) .
وَقَوْلُهُ: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا} تَهْدِيدٌ لَهُمْ شَدِيدٌ، وَوَعِيدٌ أَكِيدٌ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ} [إِبْرَاهِيمَ: 30] وَقَوْلُهُ: {كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ} [الْمُرْسَلَاتِ: 46] وَلِهَذَا قَالَ: {وَيُلْهِهِمُ الأمَلُ} أَيْ: عَنِ التَّوْبَةِ وَالْإِنَابَةِ، {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} أَيْ: عَاقِبَةَ أَمْرِهِمْ.
{وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ (?) مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (?) }
يَقُولُ تَعَالَى: إِنَّهُ مَا أَهْلَكَ قَرْيَةً إِلَّا بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهَا وَانْتِهَاءِ أَجَلِهَا، وَإِنَّهُ لَا يُؤَخِّرُ أُمَّةً حَانَ هَلَاكُهَا (?) عَنْ مِيقَاتِهَا وَلَا يَتَقَدَّمُونَ عَنْ مُدَّتِهِمْ. وَهَذَا تَنْبِيهٌ لِأَهْلِ مَكَّةَ، وَإِرْشَادٌ لَهُمْ إِلَى الإقلاع عما