وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَوْلَى، وَهُوَ ظُهُورُ الْإِسْلَامِ عَلَى الشِّرْكِ قَرْيَةً بَعْدَ قَرْيَةٍ، [وكَفْرًا بَعْدَ كَفْر، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى} [الْأَحْقَافِ:27] الْآيَةَ، وَهَذَا اخْتِيَارُ ابْنُ جَرِيرٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ] (?)
{وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ (42) }
يَقُولُ: {وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} بِرُسُلِهِمْ، وَأَرَادُوا إِخْرَاجَهُمْ مِنْ بِلَادِهِمْ، فَمَكَرَ اللَّهُ بِهِمْ، وَجَعَلَ الْعَاقِبَةِ لِلْمُتَّقِينَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الْأَنْفَالِ: 30] وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا} الْآيَةَ [النَّمْلِ: 50 -52] .
وَقَوْلُهُ: {يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ} أَيْ: إِنَّهُ تَعَالَى عَالِمٌ بِجَمِيعِ السَّرَائِرِ وَالضَّمَائِرِ، وَسَيَجْزِي كُلَّ عَامِلٍ بِعَمَلِهِ.
{وَسَيَعْلَمُ الْكَافِرُ} وَقُرِئَ: {الكُفَّارُ} {لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ} أَيْ: لِمَنْ تَكُونُ الدَّائِرَةُ وَالْعَاقِبَةُ، لَهُمْ أَوْ لِأَتْبَاعِ الرُّسُلِ؟ كَلَّا بَلْ هِيَ لِأَتْبَاعِ الرُّسُلِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ والمنة.