58

يُوسُفَ (?) وَوُلِدَ لِأَفْرَائِيمَ نُونٌ، وَالِدُ يُوشَعَ بْنِ نُونٍ، وَرَحْمَةَ امْرَأَةِ أَيُّوبَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ.

وَقَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ: وَقَفَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ، حَتَّى مَرّ يُوسُفُ، فَقَالَتْ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ الْعَبِيدَ مُلُوكًا بِطَاعَتِهِ، وَالْمُلُوكَ عَبِيدًا بِمَعْصِيَتِهِ.

{وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (58) وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنزلِينَ (59) فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرَبُونِ (60) قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ (61) وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (62) }

ذَكَرَ السُّدي، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْمُفَسِّرِينَ: أَنَّ السَّبَبَ الَّذِي أَقْدَمَ إِخْوَةَ يُوسُفَ بِلَادَ مِصْرَ، أَنَّ يُوسُفَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، لَمَّا بَاشَرَ الْوَزَارَةَ بِمِصْرَ، وَمَضَتِ السَّبْعُ السِّنِينَ الْمُخْصِبَةُ، ثُمَّ تَلَتْهَا سنينُ الْجَدْبِ، وَعَمَّ الْقَحْطُ بِلَادَ مِصْرَ بِكَمَالِهَا، وَوَصَلَ إِلَى بِلَادِ كَنْعَانَ، وَهِيَ الَّتِي فِيهَا يَعْقُوبُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَوْلَادُهُ. وَحِينَئِذٍ احْتَاطَ يُوسُفُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، لِلنَّاسِ فِي غَلَّاتِهِمْ، وَجَمَعَهَا أَحْسَنَ (?) جَمْعٍ، فَحَصَلَ مِنْ ذَلِكَ مَبْلَغٌ عَظِيمٌ، وأهراءَ مُتَعَدِّدَةٌ هَائِلَةٌ، وَوَرَدَ عَلَيْهِ النَّاسُ مِنْ سَائِرِ الْأَقَالِيمِ وَالْمُعَامَلَاتِ، يَمْتَارُونَ لِأَنْفُسِهِمْ وَعِيَالِهِمْ، فَكَانَ لَا يُعْطَى الرَّجُلُ أَكْثَرَ مِنْ حَمْلِ بِعِيرٍ فِي السَّنَةِ. وَكَانَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، لَا يُشْبِعُ نَفْسَهُ وَلَا يَأْكُلُ هُوَ وَالْمَلِكُ وَجُنُودُهُمَا إِلَّا أَكْلَةً وَاحِدَةً فِي وَسَطِ النَّهَارِ، حَتَّى يَتَكَفَّى النَّاسُ بِمَا فِي أَيْدِيهِمْ مُدَّةَ السَّبْعِ سِنِينَ. وَكَانَ رَحْمَةً مِنَ اللَّهِ عَلَى أَهْلِ مِصْرَ.

وَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ مِنْ أَنَّهُ بَاعَهُمْ فِي السَّنَةِ الْأَوْلَى بِالْأَمْوَالِ، وَفِي الثَّانِيَةِ بِالْمَتَاعِ، وَفِي الثَّالِثَةِ بِكَذَا، وَفِي الرَّابِعَةِ بِكَذَا، حَتَّى بَاعَهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ بَعْدَمَا تَمَلَّك عَلَيْهِمْ جَمِيعَ مَا يَمْلِكُونَ، ثُمَّ أَعْتَقَهُمْ وَرَدَّ عَلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ كُلَّهَا، اللَّهُ (?) أَعْلَمُ بِصِحَّةِ ذَلِكَ، وَهُوَ مِنَ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ الَّتِي لَا تُصَدَّقُ وَلَا تَكْذَّبُ.

وَالْغَرَضُ أَنَّهُ كَانَ فِي جُمْلَةِ مِنْ وَرَدَ لِلْمِيرَةِ إخوةُ يُوسُفَ، عَنْ أَمْرِ أَبِيهِمْ لَهُمْ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّهُ بَلَغَهُمْ أَنَّ عَزِيزَ مِصْرَ يُعْطِي النَّاسَ الطَّعَامَ بِثَمَنِهِ، فَأَخَذُوا مَعَهُمْ بِضَاعَةً يَعْتَاضُونَ بِهَا طَعَامًا، وَرَكِبُوا عَشَرَةُ نَفَرٍ، وَاحْتَبَسَ يَعْقُوبُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، عِنْدَهُ بِنْيَامِينَ شَقِيقَ يُوسُفَ، عَلَيْهِمَا (?) السَّلَامُ، وَكَانَ أَحَبَّ وَلَدِهِ إِلَيْهِ بَعْدَ يُوسُفَ. فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ، وَهُوَ جَالِسٌ فِي أُبَّهَتِهِ وَرِيَاسَتِهِ وَسِيَادَتِهِ، عَرَفَهُمْ حِينَ نَظَرَ إِلَيْهِمْ، {وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ} أَيْ: لَا يَعْرِفُونَهُ؛ لِأَنَّهُمْ فَارَقُوهُ وَهُوَ صَغِيرٌ حَدَثٌ فَبَاعُوهُ (?) لِلسَّيَّارَةِ، وَلَمْ يَدْرُوا أَيْنَ يَذْهَبُونَ بِهِ، وَلَا كَانُوا يَسْتَشْعِرُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ أَنْ يَصِيرَ إِلَى مَا صَارَ إِلَيْهِ، فَلِهَذَا لَمْ يَعْرِفُوهُ، وأما هو فعرفهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015