"مَا يَمْنَعُكُمْ مِنْ ذَلِكَ وَرَسُولُ اللَّهِ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ يَأْتِيكُمْ بِالْوَحْيِ مِنَ السَّمَاءِ، بَلْ قَوْمٌ مِنْ بَعْدِكُمْ يَأْتِيهِمْ كِتَابٌ بَيْنَ لَوْحَيْنِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَعْمَلُونَ بِمَا فِيهِ، أُولَئِكَ أَعْظَمُ مِنْكُمْ أَجْرًا" مَرَّتَيْنِ (?) .
ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ ضَمْرَة بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ مَرْزُوقِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي جُمُعَةَ، بِنَحْوِهِ (?) .
وَهَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى الْعَمَلِ بالوِجَادة الَّتِي اخْتَلَفَ فِيهَا أَهْلُ الْحَدِيثِ، كَمَا قَرَّرْتُهُ فِي أَوَّلِ شَرْحِ الْبُخَارِيِّ؛ لِأَنَّهُ مَدَحَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَذَكَرَ أَنَّهُمْ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ لَا مُطْلَقًا.
وَكَذَا الْحَدِيثُ الْآخَرُ الَّذِي رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ الْعَبْدِيُّ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ الْحِمْصِيُّ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ قَيْسٍ التَّمِيمِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيُّ الْخَلْقِ أَعْجَبُ إِلَيْكُمْ إِيمَانًا؟ ". قَالُوا: الْمَلَائِكَةُ. قَالَ: "وَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ وَهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ؟ ". قَالُوا: فَالنَّبِيُّونَ. قَالَ: "وَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ وَالْوَحْيُ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ؟ ". قَالُوا: فَنَحْنُ. قَالَ: "وَمَا لَكَمَ لَا تُؤْمِنُونَ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ؟ ". قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَا إِنَّ أَعْجَبَ الْخَلْقِ إِلَيَّ إِيمَانًا لَقَوْمٌ يَكُونُونَ مِنْ بَعْدِكُمْ يَجدونَ صُحُفًا فِيهَا كِتَابٌ يُؤْمِنُونَ بِمَا فِيهَا" (?) .
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: الْمُغِيرَةُ بْنُ قَيْسٍ الْبَصْرِيُّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ.
قُلْتُ: وَلَكِنْ قَدْ رَوَى أَبُو يَعْلَى فِي مُسْنَدِهِ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ فِي تَفْسِيرِهِ، وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ، مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ، وَفِيهِ ضَعْفٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمِثْلِهِ أَوْ نَحْوِهِ. وَقَالَ الْحَاكِمُ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ (?) وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ مَرْفُوعًا (?) ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُسْنَدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِدْرِيسَ، أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ سَلَمَةَ الْأَنْصَارِيُّ، أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ مَحْمُودٍ، عَنْ جَدَّتِهِ تَوِيلَةَ (?) بِنْتِ أَسْلَمَ، قَالَتْ: صَلَّيْتُ الظُّهْرَ أَوِ الْعَصْرَ فِي مَسْجِدِ بَنِي حَارِثَةَ، فَاسْتَقْبَلْنَا مَسْجِدَ إِيلِيَاءَ (?) ، فَصَلَّيْنَا سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ جَاءَنَا مَنْ يُخْبِرُنَا: أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اسْتَقْبَلَ الْبَيْتَ (?) الْحَرَامَ، فَتَحَوَّلَ النِّسَاءُ مَكَانَ الرِّجَالِ، وَالرِّجَالُ مَكَانَ النِّسَاءِ، فَصَلَّيْنَا السَّجْدَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ، وَنَحْنُ مُسْتَقْبِلُونَ (?) الْبَيْتَ الْحَرَامَ.
قَالَ إِبْرَاهِيمُ: فَحَدَّثَنِي رِجَالٌ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ بَلَغَهُ ذَلِكَ قَالَ: "أولئك قوم