يَقُولُ تَعَالَى آمِرًا رَسُولَهُ أَنْ يَقُولَ لِلَّذِينِ لَا يُؤْمِنُونَ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ رَبِّهِ عَلَى وَجْهِ التَّهْدِيدِ: {اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ} أَيْ: عَلَى طَرِيقَتِكُمْ وَمَنْهَجِكُمْ، {إِنَّا عَامِلُونَ} أَيْ: عَلَى طَرِيقَتِنَا وَمَنْهَجِنَا، {وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ} أَيْ: فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ، إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ.
وَقَدْ أَنْجَزَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ وَعْدَهُ، وَنَصْرَهُ وَأَيَّدَهُ، وَجَعَلَ كَلِمَتَهُ هِيَ الْعُلْيَا، وَكَلِمَةُ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى، وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ.
{وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (123) }
يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَأَنَّهُ إِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ، وَسيُوَفِّى كُلَّ عَامِلٍ عَمَلَهُ يَوْمَ الْحِسَابِ، فَلَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ. فَأَمَرَ تَعَالَى بِعِبَادَتِهِ وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّهُ كَافٍ مِنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ وَأَنَابَ إِلَيْهِ.
وَقَوْلُهُ: {وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} (?) أَيْ: لَيْسَ يَخْفَى عَلَيْهِ مَا عَلَيْهِ مُكَذِّبُوكَ يَا مُحَمَّدُ، بَلْ هُوَ عَلِيمٌ بِأَحْوَالِهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ وَسَيَجْزِيهِمْ عَلَى ذَلِكَ أَتَمَّ الْجَزَاءَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَسَيَنْصُرُكَ وَحِزْبَكَ عَلَيْهِمْ فِي الدَّارَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيع، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الجَوْني، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ كَعْبٍ (?) قَالَ: خَاتِمَةُ "التَّوْرَاةِ" خَاتِمَةُ "هُودٍ" [وَاللَّهُ أَعْلَمُ] (?) تم تفسير سورة هود.