عِبَادَتِهَا وَعَيْبِكَ لَهَا {قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا} [أَيْ أَنْتُمْ أَيْضًا] (?) {أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِهِ} (?) . يَقُولُ: إِنِّي بَرِيءٌ مِنْ جَمِيعِ الْأَنْدَادِ وَالْأَصْنَامِ، {فَكِيدُونِي جَمِيعًا} أَيْ: أَنْتُمْ وَآلِهَتُكُمْ إِنْ كَانَتْ حَقًّا، [ف ذَرُوهَا تُكِيدُنِي] (?) ، {ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ} أَيْ: طَرْفَةَ عَيْنٍ [وَاحِدَةً] (?) .
وَقَوْلُهُ: {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا} أَيْ: [هِيَ] (?) تَحْتَ قَهْرِهِ وَسُلْطَانِهِ، وَهُوَ الْحَاكِمُ الْعَادِلُ الَّذِي لَا يَجُورُ فِي حُكْمِهِ، فَإِنَّهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.
قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو (?) عَنْ أَيْفَعَ بْنِ عَبْدٍ الْكَلَاعِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} قَالَ: فَيَأْخُذُ بِنَوَاصِي عِبَادِهِ فَيَلْقَى الْمُؤْمِنَ (?) حَتَّى يَكُونَ لَهُ (?) أَشْفَقَ مِنَ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ (?) وَيُقَالُ لِلْكَافِرِ: {مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} [الِانْفِطَارِ: 6] .
وَقَدْ تَضَمَّنَ هَذَا الْمَقَامُ حُجَّةً بَالِغَةً وَدَلَالَةً قَاطِعَةً عَلَى صِدْقِ مَا جَاءَهُمْ بِهِ، وَبُطْلَانِ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ الَّتِي لَا تَنْفَعُ وَلَا تَضُرُّ، بَلْ هِيَ جَمَاد لَا تَسْمَعُ وَلَا تُبْصِرُ، وَلَا تُوالي وَلَا تُعادي، وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ إِخْلَاصَ الْعِبَادَةِ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ، وَلَهُ التَّصَرُّفُ، وَمَا مِنْ شَيْءٍ إِلَّا تَحْتَ مُلْكِهِ وَقَهْرِهِ وَسُلْطَانِهِ، فَلَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، وَلَا رَبَّ سِوَاهُ.
{فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (57) وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ (58) وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (59) وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ (60) }
يَقُولُ لَهُمْ [رَسُولُهُمْ] (?) هُودٌ: فَإِنْ تَوَلَّوْا عَمَّا جِئْتُكُمْ بِهِ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ رَبِّكُمْ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، فَقَدْ قَامَتْ عَلَيْكُمُ الْحُجَّةُ بِإِبْلَاغِي إِيَّاكُمْ رِسَالَةَ اللَّهِ الَّتِي بَعَثَنِي بِهَا، {وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ} (?) يَعْبُدُونَهُ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُونَ بِهِ [شَيْئًا] (?) وَلَا يُبَالِي بِكُمْ: فَإِنَّكُمْ لَا تَضُرُّونَهُ بِكُفْرِكُمْ بَلْ (?) يَعُودُ وَبَال ذَلِكَ عَلَيْكُمْ، {إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ} أَيْ: شَاهِدٌ وَحَافِظٌ لِأَقْوَالِ عِبَادِهِ وَأَفْعَالِهِمْ وَيَجْزِيهِمْ (?) عَلَيْهَا إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ.