يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّ أَوْلِيَاءَهُ هُمُ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ، كَمَا فَسَرَّهُمْ (?) رَبُّهُمْ، فَكُلُّ مَنْ كَانَ تَقِيًّا كَانَ لِلَّهِ وَلِيًّا: أَنَّهُ {لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} [أَيْ] (?) فِيمَا يَسْتَقْبِلُونَ مِنْ أَهْوَالِ الْقِيَامَةِ، {وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} عَلَى مَا وَرَاءَهُمْ فِي الدُّنْيَا.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ: أَوْلِيَاءُ اللَّهِ الَّذِينَ إِذَا رُءُوا ذُكِر اللَّهُ.
وَقَدْ وَرَدَ هَذَا فِي حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ كَمَا قَالَ الْبَزَّارُ:
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْب الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سَابِقٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَشْعَرِيُّ -وَهُوَ الْقُمِّيُّ -عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ؟ قَالَ: "الَّذِينَ إِذَا رءُوا ذُكر اللَّهُ". ثُمَّ قَالَ الْبَزَّارُ: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَعِيدٍ مُرْسَلًا. (?)
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفاعي، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ (?) حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَة بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ البَجَلي، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ عِبَادًا يَغْبِطُهُمُ (?) الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ". قِيلَ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ لَعَلَّنَا نُحِبُّهُمْ. قَالَ: "هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا (?) فِي اللَّهِ مِنْ غَيْرِ أَمْوَالٍ وَلَا أَنْسَابٍ، وُجُوهُهُمْ نُورٌ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، لَا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ، وَلَا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ". ثُمَّ قَرَأَ: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} (?)
ثُمَّ رَوَاهُ أَيْضًا أَبُو دَاوُدَ، مِنْ حَدِيثِ جَرِيرٌ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمِثْلِهِ. (?)
وَهَذَا أَيْضًا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ، إِلَّا أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ بَيْنَ أَبِي زُرْعَةَ وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.