فَدَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يَأْذَنَ لِي فِي شَفَاعَتِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَبَى اللَّهُ أَنْ يَأْذَنَ لِي، فَرَحِمْتُهَا وَهِيَ أُمِّي، فَبَكَيْتُ، ثُمَّ جَاءَنِي جِبْرِيلُ فَقَالَ: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأبِيهِ إِلا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ} فَتَبَرَّأْ أَنْتَ مِنْ أُمِّكَ، كَمَا تَبَرَّأَ إِبْرَاهِيمُ مِنْ أَبِيهِ، فرحمْتُها وَهِيَ أُمِّي، وَدَعَوْتُ رَبِّي أَنْ يَرْفَعَ عَنْ أُمَّتِي أَرْبَعًا، فَرَفَعَ عَنْهُمُ اثْنَتَيْنِ، وَأَبَى أَنْ يَرْفَعَ عَنْهُمُ اثْنَتَيْنِ: دعوتُ رَبِّي أَنْ يَرْفَعَ عَنْهُمُ الرَّجْمَ مِنَ السَّمَاءِ والغَرَق مِنَ الأرض، وألا يلبسهم شيعا، وألا يذيق بعضهم بَأْسَ بَعْضٍ، فَرَفَعَ اللَّهُ عَنْهُمُ الرَّجْمَ مِنَ السَّمَاءِ، وَالْغَرَقَ مِنَ الْأَرْضِ، وَأَبَى اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَ عَنْهُمُ الْقَتْلَ وَالْهَرْجَ". وَإِنَّمَا عَدَلَ إِلَى قَبْرِ أُمِّهِ لِأَنَّهَا كَانَتْ مَدْفُونَةً تَحْتَ كَداء (?) وَكَانَتْ عُسْفان لَهُمْ. (?)
وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ وَسِيَاقٌ عَجِيبٌ، وَأَغْرَبُ مِنْهُ وَأَشَدُّ نَكَارَةً مَا رَوَاهُ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ فِي كِتَابِ "السَّابِقِ وَاللَّاحِقِ" بِسَنَدٍ مَجْهُولٍ، عَنْ عَائِشَةَ فِي حَدِيثٍ فِيهِ قِصَّةُ أَنَّ اللَّهَ أَحْيَا أمَّه فَآمَنَتْ ثُمَّ عَادَتْ. (?) وَكَذَلِكَ مَا رَوَاهُ السُّهَيْلِيُّ فِي "الرَّوْضِ" بِسَنَدٍ فِيهِ جَمَاعة مَجْهُولُونَ: أَنَّ اللَّهَ أَحْيَا لَهُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ (?) فَآمَنَا بِهِ. (?)
وَقَدْ قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ دِحْيَةَ: [هَذَا الْحَدِيثُ مَوْضُوعٌ يَرُدُّهُ الْقُرْآنُ وَالْإِجْمَاعُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ} [النِّسَاءِ: 18] . وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُرْطُبِيُّ: إِنَّ مُقْتَضَى هَذَا الْحَدِيثِ. . . وردَّ عَلَى ابْنِ دِحية] (?) فِي هَذَا الِاسْتِدْلَالِ بِمَا حَاصِلُهُ: أَنَّ هَذِهِ حَيَاةٌ جَدِيدَةٌ، كَمَا رَجَعَتِ الشَّمْسُ بَعْدَ غَيْبُوبَتِهَا فَصَلَّى عَلِيٌّ الْعَصْرَ، قَالَ الطَّحَاوِيُّ: وَهُوَ [حَدِيثٌ] (?) ثَابِتٌ، يَعْنِي: حَدِيثُ الشَّمْسِ.
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: فَلَيْسَ إِحْيَاؤُهُمَا يَمْتَنِعُ عَقْلًا وَلَا شَرْعًا، قَالَ: وَقَدْ سَمِعْتُ أَنَّ اللَّهَ أَحْيَا عَمَّهُ أبا طالب، فآمن به. (?)