هَارُونَ أمَّن، فَنَزَلَ مَنْزِلَةَ مَنْ دَعَا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} [يُونُسَ: 89] ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَنْ أمَّن عَلَى دُعَاءٍ فَكَأَنَّمَا قَالَهُ؛ فَلِهَذَا قَالَ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَقْرَأُ لِأَنَّ تَأْمِينَهُ عَلَى قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ بِمَنْزِلَةِ قِرَاءَتِهَا؛ وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: "مَنْ كَانَ لَهُ إِمَامٌ فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ"، وَكَانَ بِلَالٌ يَقُولُ: لَا تَسْبِقْنِي بِآمِينَ. فَدَلَّ هَذَا الْمَنْزَعُ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُومَ لَا قِرَاءَةَ عَلَيْهِ فِي الْجَهْرِيَّةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ مَرْدُويه: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَّامٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ كَعْبٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا قَالَ الْإِمَامُ: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} فَقَالَ: آمِينَ، فَتُوَافِقُ (?) آمِينَ أَهْلِ الْأَرْضِ آمِينَ أَهْلِ السَّمَاءِ، غَفَرَ اللَّهُ لِلْعَبْدِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَثَلُ مَنْ لَا يَقُولُ: آمِينَ، كَمَثَلِ رَجُلٍ غَزَا مَعَ قَوْمٍ، فَاقْتَرَعُوا، فَخَرَجَتْ سِهَامُهُمْ، وَلَمْ يَخْرُجْ سَهْمُهُ، فَقَالَ: لِمَ لَمْ يَخْرُجْ سَهْمِي؟ فَقِيلَ: إِنَّكَ لم تقل: آمين" (?) .