أَوَّلُ مَا نَزَلَ مِنْ سُورَةِ بَرَاءَةَ.

وَقَالَ مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: زَعَمَ حَضْرمي أَنَّهُ ذُكِرَ لَهُ أَنَّ نَاسًا كَانُوا عَسَى أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمْ عَلِيلًا أَوْ كَبِيرًا، فَيَقُولُ: إِنِّي لَا آثَمُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا} الْآيَةَ.

أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالنَّفِيرِ الْعَامِّ مَعَ الرَّسُولِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، عَامَ غَزْوَةِ تَبُوكَ، لِقِتَالِ أَعْدَاءِ اللَّهِ مِنَ الرُّومِ الْكَفَرَةِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وحَتَّم عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فِي الْخُرُوجِ مَعَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ فِي المَنْشَط والمَكْرَه وَالْعُسْرِ وَالْيُسْرِ، فَقَالَ: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا}

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ: كُهُولًا وشَبَابًا (?) مَا أَسْمَعُ اللَّهَ عَذَر أَحَدًا، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتل.

وَفِي رِوَايَةٍ: قَرَأَ (?) أَبُو طَلْحَةَ سُورَةَ بَرَاءَةَ، فَأَتَى عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} فَقَالَ: أَرَى رَبَّنَا يَسْتَنْفِرُنَا شُيُوخًا وشَبَابًا (?) جَهِّزُونِي يَا بَنِيَّ. فَقَالَ بَنُوهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، قَدْ غَزَوْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى مَاتَ، وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى مَاتَ، وَمَعَ عُمَرَ حَتَّى مَاتَ، فَنَحْنُ نَغْزُو عَنْكَ. فَأَبَى، فَرَكِبَ الْبَحْرَ فَمَاتَ، فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ جَزِيرَةً يَدْفِنُوهُ فِيهَا إِلَّا بَعْدَ تِسْعَةِ أَيَّامٍ، فَلَمْ يَتَغَيَّرْ، فَدَفَنُوهُ بِهَا (?)

وَهَكَذَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وعِكْرِمة وَأَبِي صَالِحٍ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وشَمْر بْنِ عَطِيَّةَ، وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّان، وَالشَّعْبِيِّ وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: أَنَّهُمْ قَالُوا فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا} قَالُوا: كُهُولًا وَشَبَابًا (?) وَكَذَا قَالَ عِكْرِمة وَالضَّحَّاكُ، وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: شَبَابًا (?) وَشُيُوخًا، وَأَغْنِيَاءَ وَمَسَاكِينَ. وَكَذَا قَالَ أَبُو صَالِحٍ، وَغَيْرُهُ.

وَقَالَ الْحَكَمُ بْنُ عُتيبة: مَشَاغِيلُ وَغَيْرُ مَشَاغِيلَ.

وَقَالَ الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا} يَقُولُ: انْفَرُوا نَشَاطًا وَغَيْرَ نَشَاطٍ. وَكَذَا قَالَ قَتَادَةُ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيح، عَنْ مُجاهد: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا} قَالُوا: فَإِنَّ فِينَا الثَّقِيلَ، وَذَا الْحَاجَةِ، وَالضَّيْعَةِ (?) وَالشُّغْلِ، وَالْمُتَيَسِّرَ بِهِ أَمْرٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَأَبَى أَنْ يَعْذُرَهُمْ دُونَ أَنْ يَنْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وعلى ما كان منهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015