28

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ السَّائِبِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ عَامِرٍ السُّوَائي -وَكَانَ شَهِدَ حُنَيْنًا مَعَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدُ -فَكُنَّا نَسْأَلُهُ عَنِ الرُّعْبِ الَّذِي أَلْقَى اللَّهُ فِي قُلُوبِ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ حُنَيْنٍ، فَكَانَ يَأْخُذُ الْحَصَاةَ فَيَرْمِي بِهَا فِي الطَّسْت (?) فَيَطِنُّ، فَيَقُولُ (?) كُنَّا نَجِدُ فِي أَجْوَافِنَا مِثْلَ هَذَا.

وَقَدْ تَقَدَّمَ لَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ (?) فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَر، عَنْ هَمَّام قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُوتِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ" (?)

وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {ثُمَّ أَنزلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ} (?)

وَقَوْلُهُ: {ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} قَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى بَقِيَّةِ هَوَازِنَ، وَأَسْلَمُوا وَقَدِمُوا عَلَيْهِ مُسْلِمِينَ، وَلَحِقُوهُ وَقَدْ قَارَبَ مَكَّةَ عِنْدَ الجِعِرَّانة، وَذَلِكَ بَعْدَ الْوَقْعَةِ بِقَرِيبٍ مِنْ عِشْرِينَ يَوْمًا، فَعِنْدَ ذَلِكَ خَيَّرهم بَيْنَ سَبْيِهِمْ وَبَيْنَ أَمْوَالِهِمْ، فَاخْتَارُوا سَبْيَهُمْ، وَكَانُوا سِتَّةَ آلَافِ أَسِيرٍ مَا بَيْنَ صَبِيٍّ وَامْرَأَةٍ، فَرَدَّهُ عَلَيْهِمْ، وَقَسَّمَ أَمْوَالَهُمْ بَيْنَ الْغَانِمِينَ، وَنَفَلَ أُنَاسًا مِنَ الطُّلَقَاءِ لِيَتَأَلَّفَ قُلُوبَهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَأَعْطَاهُمْ مِائَةً مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ، وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ أُعْطِيَ مِائَةً مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ النَّضْري، وَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى قَوْمِهِ كَمَا كَانَ، فَامْتَدَحَهُ بِقَصِيدَتِهِ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا:

مَا إنْ رَأيتُ وَلَا سَمعتُ بمثْلِه ... فِي النَّاس كُلّهم بِمِثْلِ مُحَمَّد ...

أوْفَى وأعْطَى لِلْجَزِيلِ إِذَا اجتُدى ... ومَتى تَشَأ يُخْبرْكَ عَمّا فِي غَد ...

وإذَا الْكَتِيبَةُ عَرّدَتْ أنيابُها ... بالسَّمْهَريّ وَضَرْب كُلّ مُهَنَّد ...

فَكَأنَّه لَيْثٌ عَلَى أشْبَاله ... وَسْطَ الهَبَاءة (?) خَادر فِي مَرْصَد

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (28) قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29) }

أَمَرَ تَعَالَى عِبَادَهُ الْمُؤْمِنَيْنِ الطَّاهِرِينَ دِينًا وَذَاتًا بِنَفْيِ الْمُشْرِكِينَ، الَّذِينَ هُمْ نَجَس دينًا، عن المسجد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015