وَفِي الصَّحِيحِ أَيْضًا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ (?) وَالتَّوْبَةُ تَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهَا".
وَقَوْلُهُ: {وَإِنْ يَعُودُوا} أَيْ: يَسْتَمِرُّوا عَلَى مَا هُمْ فِيهِ، {فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأوَّلِينَ} أَيْ: فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُنَا فِي الْأَوَّلِينَ أَنَّهُمْ إِذَا كَذَّبُوا وَاسْتَمَرُّوا عَلَى عِنَادِهِمْ، أَنَّا نُعَاجِلُهُمْ بِالْعَذَابِ وَالْعُقُوبَةِ.
وَقَوْلُهُ: {فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأوَّلِينَ} أَيْ: فِي قُرَيْشٍ يَوْمَ بَدْرٍ وَغَيْرِهَا مِنَ الْأُمَمِ. وَقَالَ السُّدِّيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: أَيْ: يَوْمَ بَدْرٍ.
وَقَوْلُهُ: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا حَيْوَة بْنُ شُرَيْح، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ بُكَيْر، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ رَجُلًا جَاءَهُ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَلَا تَسْمَعُ مَا ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} الْآيَةَ [الْحُجُرَاتِ:9] ، فَمَا يَمْنَعُكَ أَلَّا تُقَاتِلَ كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ؟ فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، أُعَيَّر بِهَذِهِ الْآيَةِ وَلَا أُقَاتِلُ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُعَيَّر بِالْآيَةِ الَّتِي يَقُولُ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ:: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} إِلَى آخِرِ (?) الْآيَةِ [النِّسَاءِ:93] ، قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} ؟ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: قَدْ فَعَلْنَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ كَانَ الْإِسْلَامُ قَلِيلًا وَكَانَ الرَّجُلُ يُفتن فِي دِينِهِ: إِمَّا أَنْ يَقْتُلُوهُ، وَإِمَّا أَنْ يُوثِقُوهُ، حَتَّى كَثُرَ الْإِسْلَامُ فَلَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ، فَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ لَا يُوَافِقُهُ فِيمَا يُرِيدُ، قَالَ: فَمَا قَوْلُكَ فِي عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ؟ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: مَا قَوْلِي فِي عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ؟ أَمَّا عُثْمَانُ فَكَانَ اللَّهُ قَدْ عَفَا عَنْهُ، وَكَرِهْتُمْ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ، وَأَمَّا عَلِيٌّ فَابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وخَتَنُه -وَأَشَارَ بِيَدِهِ -وَهَذِهِ ابْنَتُهُ أَوْ: بِنْتُهُ -حَيْثُ تَرَوْنَ.
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْر، حَدَّثَنَا بَيَان أَنَّ وَبَرة حَدَّثَهُ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْر قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا -أَوْ: إِلَيْنَا -ابْنُ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَقَالَ رَجُلٌ: كَيْفَ تَرَى فِي قِتَالِ الْفِتْنَةِ؟ فَقَالَ: وَهَلْ تَدْرِي مَا الْفِتْنَةُ؟ كَانَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَاتِلُ الْمُشْرِكِينَ، وَكَانَ الدُّخُولُ عَلَيْهِمْ فِتْنَةً، وَلَيْسَ بِقِتَالِكُمْ عَلَى الْمُلْكِ.
هَذَا كُلُّهُ سِيَاقُ الْبُخَارِيِّ، رَحِمَهُ اللَّهُ (?)
وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّهُ أَتَاهُ رَجُلَانِ فِي فِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالَا إِنَّ النَّاسَ قَدْ صَنَعُوا مَا تَرَى، وَأَنْتَ ابْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَأَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَخْرُجَ؟ قَالَ: يَمْنَعُنِي أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عليَّ دَمَ أَخِي الْمُسْلِمِ. قَالُوا: أَوْ لَمْ يَقُلِ اللَّهُ: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} ؟