وَقَالَ قَتَادَةُ {لِمَا يُحْيِيكُمْ} قَالَ: هُوَ هَذَا الْقُرْآنُ، فِيهِ النَّجَاةُ وَالتُّقَاةُ (?) وَالْحَيَاةُ.
وَقَالَ السُّدِّيّ: {لِمَا يُحْيِيكُمْ} فَفِي الْإِسْلَامِ إِحْيَاؤُهُمْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ بِالْكُفْرِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} أَيْ: لِلْحَرْبِ الَّتِي أَعَزَّكُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا بَعْدَ الذُّلِّ، وَقَوَّاكُمْ بِهَا بَعْدَ الضَّعْفِ، وَمَنَعَكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ بَعْدَ الْقَهْرِ مِنْهُمْ لَكُمْ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَحُولُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ، وَبَيْنَ الْكَافِرِ وَبَيْنَ الْإِيمَانِ.
رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ مَوْقُوفًا، وَقَالَ: صَحِيحٌ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ (?) وَرَوَاهُ ابْنُ مَرْدُوَيه مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مَرْفُوعًا (?) وَلَا يَصِحُّ لِضَعْفِ إِسْنَادِهِ، وَالْمَوْقُوفُ أَصَحُّ. وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ، وَسَعِيدٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَالضَّحَّاكُ، وَأَبُو صَالِحٍ، وَعَطِيَّةُ، ومُقَاتِل بْنُ حيَّان، والسُّدِّيّ.
وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: {يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} حَتَّى تَرَكَهُ لَا يَعْقِلُ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: يَحُولُ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَقَلْبِهِ، فَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُؤْمِنَ وَلَا يَكْفُرَ إِلَّا بِإِذْنِهِ.
وَقَالَ قَتَادَةُ هُوَ كَقَوْلِهِ: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق: 16] .
وَقَدْ وَرَدَتِ الْأَحَادِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا يُنَاسِبُ هَذِهِ الْآيَةَ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولُ: " يَا مُقَلِّب الْقُلُوبِ، ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ". قَالَ: فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، آمَنَّا بِكَ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ، فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا؟ قَالَ (?) نَعَمْ، إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ تَعَالَى يُقَلِّبُهَا".
وَهَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي "كِتَابِ الْقَدَرِ" مِنْ جَامِعِهِ، عَنْ هَنَّادِ بْنِ السَّرِيِّ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ مُحَمَّدِ بْنِ حَازِمٍ الضَّرِيرِ، عَنِ الْأَعْمَشِ -وَاسْمُهُ سُلَيْمَانُ بْنُ مِهْرَانَ -عَنْ أَبِي سُفْيَانَ -وَاسْمُهُ طَلْحَةُ بْنُ نَافِعٍ -عَنْ أَنَسٍ (?) ثُمَّ قَالَ: حَسَنٌ. وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ عَنِ الْأَعْمَشِ، رَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْهُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَدِيثُ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ أَنَسٍ أَصَحُّ (?)
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ (?) فِي مُسْنَدِهِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ بِلَالٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو: "يَا مُقَلِّب الْقُلُوبِ ثَبِّت قَلْبِي عَلَى دينك".