199

تَسْمَعُ وَتُبْصِرُ وَتَبْطِشُ، وَتِلْكَ لَا تَفْعَلُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ.

وَقَوْلُهُ: {قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ} (?) أَيِ: اسْتَنْصِرُوا بِهَا عَلَيَّ، فَلَا تُؤَخِّرُونِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَاجْهَدُوا جُهْدَكُمْ! {إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نزلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ} أَيِ: اللَّهُ حَسْبِي وَكَافِيَّ، وَهُوَ نَصِيرِي وَعَلَيْهِ مُتَّكَلِي، وَإِلَيْهِ أَلْجَأُ، وَهُوَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَهُوَ وَلِيُّ كُلِّ صَالِحٍ بَعْدِي. وَهَذَا كَمَا قَالَ هُودٌ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، لَمَّا قَالَ لَهُ قَوْمُهُ: {إِنْ نَقُولُ إِلا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُون * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [هُودٍ:54-56] وَكَقَوْلِ الْخَلِيلِ [عَلَيْهِ السَّلَامُ] (?) {أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الأقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلا رَبَّ الْعَالَمِينَ * الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * [وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ] (?) } [الشُّعَرَاءِ:75-80] الْآيَاتِ، وَكَقَوْلِهِ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ * وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الزُّخْرُفِ:26-28]

وَقَوْلُهُ: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، مُؤَكِّدٌ لِمَا تَقَدَّمَ، إِلَّا أَنَّهُ بِصِيغَةِ الْخِطَابِ، وَذَلِكَ بِصِيغَةِ الْغَيْبَةِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ}

وَقَوْلُهُ: {وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ} كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ [وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (?) ] } [فَاطِرٍ:14]

وَقَوْلُهُ: {وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ} إِنَّمَا قَالَ: {يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ} أَيْ: يُقَابِلُونَكَ بِعُيُونٍ مُصَوَّرَةٍ كَأَنَّهَا نَاظِرَةٌ، وَهِيَ جَمَادٌ؛ وَلِهَذَا عَامَلَهُمْ مُعَامَلَةَ مَنْ يَعْقِلُ؛ لِأَنَّهَا عَلَى صُوَرٍ مُصَوَّرَةٍ كَالْإِنْسَانِ، [فَقَالَ] (?) {وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ} فَعَبَّرَ عَنْهَا بِضَمِيرِ مَنْ يَعْقِلُ.

وَقَالَ السُّدِّيُّ: الْمُرَادُ بِهَذَا (?) الْمُشْرِكُونَ وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ نَحْوُهُ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ، وَقَالَهُ قَتَادَةُ.

{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199) وَإِمَّا يَنزغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نزغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) }

قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: {خُذِ الْعَفْوَ} يَعْنِي: خُذْ مَا عَفَا لَكَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَمَا أَتَوْكَ بِهِ مِنْ شَيْءٍ فَخُذْهُ. وَكَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ "بَرَاءَةٌ" بِفَرَائِضَ الصَّدَقَاتِ وَتَفْصِيلِهَا، وَمَا انْتَهَتْ إِلَيْهِ الصَّدَقَاتُ. قَالَهُ السُّدِّيُّ.

وَقَالَ الضَّحَّاكُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {خُذِ الْعَفْوَ} أَنْفِقِ الْفَضْلَ. وَقَالَ سَعِيدُ (?) بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: قال الفضل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015