157

وَقَوْلُهُ: {لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} أَيْ: سَأَجْعَلُهَا لِلْمُتَّصِفِينَ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ، وَهُمْ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ يَتَّقُونَ، أَيْ: الشِّرْكَ وَالْعَظَائِمَ مِنَ الذُّنُوبِ.

{وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} قِيلَ: زَكَاةُ النُّفُوسِ. وَقِيلَ: [زَكَاةُ] (?) الْأَمْوَالِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ عَامَّةً لَهُمَا؛ فَإِنَّ الْآيَةَ مَكِّيَّةٌ {وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ} أَيْ: يُصَدِّقُونَ.

{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157) }

{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإنْجِيلِ} وَهَذِهِ صِفَةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ بَشَّرُوا أُمَمَهُمْ بِبَعْثِهِ (?) وَأَمَرُوهُمْ بِمُتَابَعَتِهِ، وَلَمْ تَزَلْ صِفَاتُهُ مَوْجُودَةً فِي كُتُبِهِمْ يَعْرِفُهَا عُلَمَاؤُهُمْ وَأَحْبَارُهُمْ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ:

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنِ الجُرَيري، عَنْ أَبِي صَخْرٍ الْعُقَيْلِيِّ، حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنَ الْأَعْرَابِ، قَالَ: جَلَبْتُ جَلُوبَةً إِلَى الْمَدِينَةِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنْ بَيْعَتِي (?) قُلْتُ: لَأَلْقِيَنَّ هَذَا الرَّجُلَ فَلْأَسْمَعَنَّ مِنْهُ، قَالَ: فَتَلَقَّانِي بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ يَمْشُونَ، فَتَبِعْتُهُمْ فِي أَقْفَائِهِمْ حَتَّى أَتَوْا عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ نَاشِرًا التَّوْرَاةَ يَقْرَؤُهَا، يُعَزِّي بِهَا نَفْسَهُ عَنِ ابْنٍ لَهُ فِي الْمَوْتِ كَأَحْسَنِ الْفِتْيَانِ وَأَجْمَلِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنْشُدُكَ بِالَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ، هَلْ تَجِدُ (?) فِي كِتَابِكَ هَذَا صِفَتِي وَمَخْرَجِي؟ " فَقَالَ بِرَأْسِهِ هَكَذَا، أَيْ: لَا. فَقَالَ ابْنُهُ، إِي: وَالَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ إِنَّا لِنَجِدُ فِي كِتَابِنَا صِفَتَكَ ومَخرجك، وَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّكَ (?) رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ: "أَقِيمُوا الْيَهُودِيَّ عَنْ أَخِيكُمْ". ثُمَّ وَلِيَ كَفَنَهُ (?) وَالصَّلَاةَ عَلَيْهِ (?)

هَذَا حَدِيثٌ جَيِّدٌ قَوِيٌّ لَهُ شَاهِدٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ أَنَسٍ.

وَقَالَ الْحَاكِمُ صَاحِبُ الْمُسْتَدْرَكِ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ -عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ الْبَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْبَلَدِيُّ (?) حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ إِدْرِيسَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ شُرَحْبِيل بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْعَاصِ الْأُمَوِيِّ قَالَ: بُعِثْتُ أَنَا وَرَجُلٌ آخَرُ إِلَى هِرَقْلَ صَاحِبِ الرُّومِ نَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَخَرَجْنَا حَتَّى قَدِمْنَا الْغُوطَةَ -يَعْنِي غُوطَةَ دِمَشْقَ -فَنَزَلْنَا عَلَى جَبَلَةَ بْنِ الْأَيْهَمِ الْغَسَّانِيِّ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ عَلَى سَرِيرٍ لَهُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْنَا بِرَسُولِهِ نُكَلِّمُهُ، فَقُلْنَا: وَاللَّهِ لَا نُكَلِّمُ رَسُولًا إِنَّمَا بُعِثْنَا إِلَى الْمَلِكِ، فَإِنْ أَذِنَ لَنَا كَلَّمْنَاهُ (?) وَإِلَّا لَمْ نكلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015