الزُّهْرِيِّ، بِهِ (?)

وَقَدْ رَوَى الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا، رَحِمَهُ اللَّهُ: أَنَّ الَّذِي لَطَمَ الْيَهُودِيَّ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ هُوَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (?) وَلَكِنْ تَقَدَّمَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَهَذَا هُوَ أَصَحُّ وَأَصْرَحُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَالْكَلَامُ فِي قَوْلِهِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: "لَا تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى"، كَالْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ: "لَا تُفَضِّلُونِي عَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَلَا عَلَى يُونُسَ بْنِ مَتَّى"، قِيلَ: مِنْ بَابِ التَّوَاضُعِ. وَقِيلَ: قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بِذَلِكَ. وَقِيلَ: نَهَى أَنْ يُفَضَّلَ بَيْنَهُمْ عَلَى وَجْهِ الْغَضَبِ وَالتَّعَصُّبِ. وَقِيلَ: عَلَى وَجْهِ الْقَوْلِ بِمُجَرَّدِ الرَّأْيِ وَالتَّشَهِّي، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَوْلُهُ: "فَإِنَّ النَّاسَ يُصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"، الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الصَّعْقَ يَكُونُ فِي عَرَصَاتِ الْقِيَامَةِ، يَحْصُلُ أَمْرٌ يُصْعَقُونَ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ. وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ إِذَا جَاءَ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِفَصْلِ الْقَضَاءِ، وَتَجَلَّى لِلْخَلَائِقِ الْمَلِكُ الدَّيَّانُ، كَمَا صَعِقَ مُوسَى مِنْ تَجَلِّي الرَّبِّ، عَزَّ وَجَلَّ، وَلِهَذَا قَالَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: "فَلَا أَدْرِي أَفَاقَ قَبْلِي أَمْ جُوزِيَ بِصَعْقَةِ الطُّورِ"؟

وَقَدْ رَوَى الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي أَوَائِلِ كِتَابِهِ "الشِّفَاءِ" بِسَنَدِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْزُوقٍ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَمَّا تَجَلَّى اللَّهُ لِمُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، كَانَ يُبْصِرُ النَّمْلَةَ عَلَى الصَّفَا فِي اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ، مَسِيرَةَ عَشَرَةِ فَرَاسِخَ" (?) ثُمَّ قَالَ: "وَلَا يَبْعُدُ عَلَى هَذَا أَنَّ يَخْتَصَّ نَبِيًّا بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ هَذَا الْبَابِ، بَعْدَ الْإِسْرَاءِ وَالْحَظْوَةِ بِمَا رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى.

انْتَهَى مَا قَالَهُ، وَكَأَنَّهُ صَحَّحَ هَذَا الْحَدِيثَ، وَفِي صِحَّتِهِ نَظَرٌ، وَلَا يَخْلُو رِجَالُ إِسْنَادِهِ مِنْ مَجَاهِيلَ لَا يُعْرَفُونَ، وَمِثْلُ هَذَا إِنَّمَا يُقْبَلُ مِنْ رِوَايَةِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ عَنْ مِثْلِهِ، حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى مُنْتَهَاهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015