إِلَى رَخَاءٍ، وَمِنْ مَرَضٍ وَسَقَمٍ إِلَى صِحَّةٍ وَعَافِيَةٍ، وَمِنْ فَقْرٍ إِلَى غِنًى، لِيَشْكُرُوا عَلَى ذَلِكَ، فَمَا فَعَلُوا.

وَقَوْلُهُ: {حَتَّى عَفَوْا} أَيْ: كَثُرُوا وَكَثُرَتْ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ، يُقَالُ: عَفَا الشَّيْءُ إِذَا كَثُرَ، {وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} يَقُولُ تَعَالَى: ابْتَلَاهُمْ (?) بِهَذَا وَهَذَا (?) لِيَتَضَرَّعُوا ويُنيبوا إِلَى اللَّهِ، فَمَا نَجَع فِيهِمْ لَا هَذَا وَلَا هَذَا، وَلَا انْتَهَوْا بِهَذَا وَلَا بِهَذَا (?) بَلْ قَالُوا: قَدْ مَسَّنَا مِنَ الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ، ثُمَّ بَعْدَهُ مِنَ الرَّخَاءِ مِثْلُ مَا أَصَابَ آبَاءَنَا فِي قَدِيمِ الدَّهْرِ، وَإِنَّمَا هُوَ الدَّهْرُ تَارَاتٌ وَتَارَاتٌ، وَلَمْ يَتَفَطَّنُوا لِأَمْرِ اللَّهِ فِيهِمْ، وَلَا اسْتَشْعَرُوا ابْتِلَاءَ اللَّهِ لَهُمْ فِي الْحَالَيْنِ. وَهَذَا بِخِلَافِ حَالِ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَشْكُرُونَ اللَّهَ عَلَى السَّرَّاءِ، وَيَصْبِرُونَ عَلَى الضَّرَّاءِ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ: "عَجَبًا لِلْمُؤْمِنِ، لَا يَقْضِي اللَّهُ لَهُ قَضَاءً إِلَّا كَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ سَراء شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاء صَبَر فَكَانَ خَيْرًا لَهُ" (?) فَالْمُؤْمِنُ مَنْ يَتَفَطَّنُ لِمَا ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِهِ مِنَ السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ (?) ؛ وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: "لَا يَزَالُ الْبَلَاءُ بِالْمُؤْمِنِ حَتَّى يَخْرُجَ نَقِيِّا (?) مِنْ ذُنُوبِهِ، وَالْمُنَافِقُ مَثَلُهُ كَمَثَلِ الْحِمَارِ، لَا يَدْرِي فِيمَ رَبَطَهُ أَهْلُهُ، وَلَا فِيمَ أَرْسَلُوهُ"، أَوْ كَمَا قَالَ. وَلِهَذَا عَقَّبَ هَذِهِ الصِّفَةَ بِقَوْلِهِ: {فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} أَيْ: أَخَذْنَاهُمْ بِالْعُقُوبَةِ بَغْتَةً، أَيْ: عَلَى بَغْتَةٍ مِنْهُمْ، وَعَدَمِ شُعُورٍ مِنْهُمْ، أَيْ: أَخَذْنَاهُمْ فَجْأَةً (?) كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: "مَوْتُ الْفَجْأَةِ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِ وَأَخْذَةُ أَسَفٍ للكافر". (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015