50

وَقَصَّرَتْ بِهِمْ سَيِّئَاتُهُمْ عَنِ النَّارِ، فجُعلوا عَلَى الْأَعْرَافِ، يَعْرِفُونَ النَّاسَ بِسِيمَاهُمْ، فَلَمَّا قَضَى اللَّهُ بَيْنَ الْعِبَادِ أُذِنَ لَهُمْ فِي طَلَبِ الشَّفَاعَةِ، فَأَتَوْا آدَمَ فَقَالُوا: يَا آدَمُ، أَنْتَ أَبُونَا، فَاشْفَعْ لَنَا عِنْدَ رَبِّكَ. فَقَالَ: هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ أَحَدًا خَلَقَهُ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ، وَسَبَقَتْ رَحْمَتُهُ إِلَيْهِ غضبَه، وَسَجَدَتْ لَهُ الْمَلَائِكَةُ غَيْرِي؟ فَيَقُولُونَ: لَا. [قَالَ] (?) فَيَقُولُ: مَا عَلِمْتُ كُنْهَهُ، مَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَشْفَعَ لَكُمْ، وَلَكِنِ ائْتُوا ابْنِي إِبْرَاهِيمَ. فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (?) فَيَسْأَلُونَهُ أَنْ يَشْفَعَ لَهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ، فَيَقُولُ: [هَلْ] (?) تَعْلَمُونَ مِنْ أَحَدٍ اتَّخَذَهُ اللَّهُ خَلِيلًا؟ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ أَحَدًا أَحْرَقَهُ قَوْمُهُ بِالنَّارِ فِي اللَّهِ غَيْرِي؟ فَيَقُولُونَ: لَا. فَيَقُولُ: مَا عَلِمْتُ كُنْهَهُ، مَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَشْفَعَ لَكُمْ. وَلَكِنِ ائْتُوا ابْنِي مُوسَى. فَيَأْتُونَ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، [فَيَقُولُونَ: اشْفَعْ لَنَا عِنْدَ رَبِّكَ] (?) فَيَقُولُ: هَلْ تَعْلَمُونَ مِنْ أَحَدٍ كَلَّمَهُ اللَّهُ تَكْلِيمًا وَقَرَبَّهُ نَجِيًّا غَيْرِي؟ فَيَقُولُونَ: لَا فَيَقُولُ: مَا عَلِمْتُ كُنْهَهُ، مَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَشْفَعَ لَكُمْ، وَلَكِنِ ائْتُوا عِيسَى. فَيَأْتُونَهُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَيَقُولُونَ لَهُ: اشْفَعْ لَنَا عِنْدَ رَبِّكَ. فَيَقُولُ: هَلْ تَعْلَمُونَ أَحَدًا خَلَقَهُ اللَّهُ مِنْ غَيْرِ أَبٍ غَيْرِي؟ فَيَقُولُونَ: لَا. فَيَقُولُ: هَلْ تَعْلَمُونَ مِنْ أَحَدٍ كَانَ يُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَيُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ غَيْرِي؟ قَالَ: فَيَقُولُونَ: لَا. فَيَقُولُ: أَنَا حَجِيجُ نَفْسِي. مَا عَلِمْتُ كُنْهَهُ، مَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَشْفَعَ لَكُمْ. وَلَكِنِ ائْتُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَأْتُونَنِي (?) فَأَضْرِبُ بِيَدِي عَلَى صَدْرِي، ثُمَّ أَقُولُ: أَنَا لَهَا. ثُمَّ أَمْشِي حَتَّى أَقِفَ بَيْنَ يَدَيِ الْعَرْشِ، فَآتِي رَبِّي، عَزَّ وَجَلَّ، فَيَفْتَحُ لِي مِنَ الثَّنَاءِ مَا لَمْ يَسْمَعِ السَّامِعُونَ بِمِثْلِهِ قَطُّ، ثُمَّ أَسْجُدُ فَيُقَالُ لِي: يَا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَسَلْ تُعطه، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ. فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأَقُولُ: رَبِّي أُمَّتِي. فَيَقُولُ: هُمْ لَكَ. فَلَا يَبْقَى نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، وَلَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، إِلَّا غَبَطَنِي بِذَلِكَ الْمَقَامِ، وَهُوَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ. فَآتِي بِهِمُ الْجَنَّةَ، فَأَسْتَفْتِحُ فَيُفْتَحُ لِي وَلَهُمْ، فَيُذْهَبُ بِهِمْ إِلَى نَهْرٍ يُقَالُ لَهُ: نَهْرُ الْحَيَوَانِ، حَافَّتَاهُ قَصَبٌ مُكَلَّلٌ بِاللُّؤْلُؤِ، تُرَابُهُ الْمِسْكُ، وَحَصْبَاؤُهُ الْيَاقُوتُ. فَيَغْتَسِلُونَ مِنْهُ، فَتَعُودُ إِلَيْهِمْ أَلْوَانُ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَرِيحُ [أَهْلِ الْجَنَّةِ] (?) فَيَصِيرُونَ كَأَنَّهُمُ الْكَوَاكِبُ الدُّرِّيَّةُ، وَيَبْقَى فِي صُدُورِهِمْ شَامَاتٌ بِيضٌ يُعْرَفُونَ بِهَا، يُقَالُ لَهُمْ: مَسَاكِينُ أَهْلِ الْجَنَّةِ" (?)

{وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ (50) الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (51) }

يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ ذِلَّةِ أَهْلِ النَّارِ وَسُؤَالِهِمْ أَهْلَ الْجَنَّةِ مِنْ شَرَابِهِمْ وَطَعَامِهِمْ، وَأَنَّهُمْ لَا يُجَابُونَ إِلَى ذَلِكَ.

قَالَ السُّدِّي: {وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ}

طور بواسطة نورين ميديا © 2015