الْيَهُودُ قَالَ: انْفَرَجَتْ قَوَائِمُ الْبَهَائِمِ وَالْعَصَافِيرِ، قَالَ: فَيَهُودُ تَأْكُلُهَا. قَالَ: وَلَمْ تَنْفَرِجْ قَائِمَةُ الْبَعِيرِ، خُفُّهُ، وَلَا خُفُّ النَّعَامَةِ وَلَا قَائِمَةُ الْوَزِّ، فَلَا تَأْكُلُ الْيَهُودُ الْإِبِلَ وَلَا النَّعَامَ وَلَا الْوَزَّ، وَلَا كُلَّ شَيْءٍ لَمْ تَنْفَرِجْ قَائِمَتُهُ، وَلَا تَأْكُلُ حِمَارَ وَحْش.
وَقَوْلُهُ: {وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا} قَالَ السُّدِّي: [يَعْنِي] (?) الثَرْب وَشَحْمَ الْكُلْيَتَيْنِ. وَكَانَتِ الْيَهُودُ تَقُولُ (?) : إِنَّهُ حَرَّمَهُ إِسْرَائِيلُ فَنَحْنُ نُحَرِّمُهُ. وَكَذَا قَالَ ابْنُ زَيْدٍ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: الثَّرْبُ وَكُلُّ شَحْمٍ (?) كَانَ كَذَلِكَ لَيْسَ فِي عَظْمٍ.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {إِلا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا} يَعْنِي: مَا عَلِق بِالظَّهْرِ مِنَ الشُّحُومِ.
وَقَالَ السُّدِّي وَأَبُو صَالِحٍ: الْأَلْيَةُ، مِمَّا (?) حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا.
وَقَوْلُهُ: {أَوِ الْحَوَايَا} قَالَ الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ: {الْحَوَايَا} جَمْعٌ، وَاحِدُهَا حَاوِيَاءُ، وَحَاوِيَةٌ وحَوِيَّة وَهُوَ مَا تَحَوي (?) مِنَ الْبَطْنِ فَاجْتَمَعَ وَاسْتَدَارَ، وَهِيَ بَنَاتُ اللَّبَنِ، وَهِيَ "الْمَبَاعِرُ"، وَتُسَمَّى "الْمَرَابِضَ"، وَفِيهَا الْأَمْعَاءُ.
قَالَ: وَمَعْنَى الْكَلَامِ: وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا، إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا، أَوْ مَا حَمَلَتِ الْحَوَايَا (?) .
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {أَوِ الْحَوَايَا} وَهِيَ الْمَبْعَرُ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {الْحَوَايَا} الْمَبْعَرُ، وَالْمَرْبِضُ. وَكَذَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالضَّحَّاكُ، وَقَتَادَةُ، وَأَبُو مَالِكٍ، والسُّدِّي.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: {الْحَوَايَا} الْمَرَابِضُ الَّتِي تَكُونُ فِيهَا الْأَمْعَاءُ، تَكُونُ وَسَطَهَا، وَهِيَ بَنَاتُ اللَّبَنِ، وَهِيَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ تُدْعَى الْمَرَابِضَ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ} أَيْ: وَإِلَّا مَا اخْتَلَطَ مِنَ الشُّحُومِ بِالْعِظَامِ فَقَدْ أَحْلَلْنَاهُ لَهُمْ.
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْج: شَحْمُ الْأَلْيَةِ اخْتَلَطَ بالعُصْعُص، فَهُوَ حَلَالٌ. وَكُلُّ شَيْءٍ فِي الْقَوَائِمِ وَالْجَنْبِ وَالرَّأْسِ وَالْعَيْنِ وَمَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ، فَهُوَ حَلَالٌ، وَنَحْوَهُ قَالَ (?) السُّدِّي.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ} أَيْ: هَذَا التَّضْيِيقُ إِنَّمَا فَعَلْنَاهُ بِهِمْ وَأَلْزَمْنَاهُمْ (?) بِهِ، مُجَازَاةً لَهُمْ عَلَى بَغْيِهِمْ وَمُخَالَفَتِهِمْ أَوَامِرَنَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا} [النساء: 160] .