وَمُسْتَوْدَعٌ حَيْثُ يَمُوتُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْر: {فَمُسْتَقَرٌ} فِي الْأَرْحَامِ وَعَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ، وَحَيْثُ يَمُوتُ. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: الْمُسْتَقَرُّ الَّذِي [قَدْ] (?) مَاتَ فَاسْتَقَرَّ بِهِ عَمَلُهُ. وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: وَمُسْتَوْدَعٌ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ.
وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ الْأَظْهَرُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ: {قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ} أَيْ: يَفْهَمُونَ ويَعُون كَلَامَ اللَّهِ وَمَعْنَاهُ.
وَقَوْلُهُ: {وَهُوَ الَّذِي أَنزلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} أَيْ بِقَدَرٍ مُبَارَكًا، رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَغِيَاثًا (?) لِلْخَلَائِقِ، رَحْمَةً مِنَ اللَّهِ لِخَلْقِهِ {فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ} كَمَا قَالَ {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [الْأَنْبِيَاءِ: 30] {فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا} أَيْ: زَرْعًا وَشَجَرًا أَخْضَرَ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَخْلُقُ فِيهِ الْحَبَّ وَالثَّمَرَ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا} أَيْ: يَرْكَبُ بَعْضُهُ بَعْضًا، كَالسَّنَابِلِ وَنَحْوِهَا {وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ} أَيْ: جَمْعُ قِنو وَهِيَ عُذُوق الرُّطَبِ {دَانِيَةٌ} أَيْ: قَرِيبَةٌ مِنَ الْمُتَنَاوَلِ، كَمَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ الْوَالِبِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ} يَعْنِي بِالْقِنْوَانِ الدَّانِيَةِ: قِصَارَ النَّخْلِ اللَّاصِقَةِ عُذُوقُهَا (?) بِالْأَرْضِ. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَأَهْلُ الْحِجَازِ يَقُولُونَ: قِنْوان، وَقَيْسٌ يَقُولُونَ: قُنْوان، وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
فَأَثَّت أَعَالِيهِ وَآدَتْ أصولهُ ... ومَالَ بقنْوانٍ مِنَ البُسر أحْمَرَا ...
قَالَ: وَتَمِيمٌ يَقُولُونَ (?) قُنْيَان بِالْيَاءِ -قَالَ: وَهِيَ جَمْعُ قِنْوٍ، كَمَا أَنَّ صِنْوَانٌ جَمْعُ صِنْوٍ (?)
وَقَوْلُهُ: {وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ} أَيْ: وَنُخْرِجُ مِنْهُ جَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ، وَهَذَانِ النَّوْعَانِ هُمَا أَشْرَفُ عِنْدَ أَهْلِ الْحِجَازِ، وَرُبَّمَا كَانَا (?) خِيَارَ الثِّمَارِ فِي الدُّنْيَا، كَمَا امْتَنَّ تَعَالَى بِهِمَا عَلَى عِبَادِهِ، فِي قَوْلِهِ: {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} [النَّحْلِ: 67] ، وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ.
وَقَالَ: {وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ} [يس: 34] .
وَقَوْلُهُ: {وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ} قَالَ قَتَادَةُ وَغَيْرُهُ: يَتَشَابَهُ فِي الْوَرَقِ، قَرِيبُ الشَّكْلِ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ، وَيَتَخَالَفُ فِي الثِّمَارِ شَكْلًا وَطَعْمًا وَطَبْعًا.
وَقَوْلُهُ: {انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ} أَيْ: نُضْجِهِ، قَالَهُ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَالضَّحَّاكُ، وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ، والسُّدِّي، وَقَتَادَةُ، وَغَيْرُهُمْ. أَيْ: فَكِّرُوا فِي قُدْرة خَالِقِهِ مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ، بَعْدَ أَنْ كَانَ حَطَبًا صَارَ عِنبًا وَرُطَبًا وَغَيْرَ ذَلِكَ، مِمَّا خَلَقَ تَعَالَى مِنَ الْأَلْوَانِ وَالْأَشْكَالِ وَالطُّعُومِ وَالرَّوَائِحِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَفِي الأرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأكُلِ [إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ] (?) }