وَزَادَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ: وَلَقَدْ تَرَكَنا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا يُقَلِّب طَائِرٌ بِجَنَاحَيْهِ فِي السَّمَاءِ إِلَّا ذَكَّرَنَا مِنْهُ عِلمًا (?)
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي مُسْنَدِ أَبِيهِ: حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَبُو يَحْيَى الْبَزَّارُ قَالَا حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ نُصير، حَدَّثَنَا شُعْبَة، عَنِ العَوَّام بْنِ مَراجم (?) -مِنْ بَنِي قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ -عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدي، عَنْ عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ الجَمَّاء لَتَقْتَصُّ مِنَ الْقُرَنَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" (?)
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَر، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَان، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قَوْلِهِ: {إِلا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} قَالَ: يُحْشَرُ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الْبَهَائِمُ وَالدَّوَابُّ وَالطَّيْرُ وَكُلُّ شَيْءٍ، فَيَبْلُغُ مِنْ عَدْلِ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ أَنْ يَأْخُذَ للجمَّاء مِنَ الْقُرَنَاءِ. قَالَ: ثُمَّ يَقُولُ: كُونِي تُرَابًا. فَلِذَلِكَ يَقُولُ الْكَافِرُ: {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا} [النَّبَأِ: 40] ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا مَرْفُوعًا فِي حَدِيثِ الصُّوَرِ (?)
وَقَوْلُهُ {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ} أَيْ: مَثَلُهُمْ فِي جَهْلِهِمْ وَقِلَّةِ عِلْمِهِمْ وَعَدَمِ فَهْمِهِمْ كَمَثَلِ أَصَمَّ -وَهُوَ الَّذِي لَا يَسْمَعُ -أَبْكَمَ -وَهُوَ الَّذِي لَا يَتَكَلَّمُ -وَهُوَ مَعَ هَذَا فِي ظَلَامٍ لَا يُبْصِرُ، فَكَيْفَ يَهْتَدِي مِثْلُ هَذَا إِلَى الطَّرِيقِ، أَوْ يُخْرج مِمَّا هُوَ فِيهِ؟ كَمَا قَالَ تَعَالَى (?) {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ * صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ [الْبَقَرَةِ: 17، 18] ،} وَكَمَا قَالَ [تَعَالَى] (?) {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النُّورِ: 40] ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} أَيْ: هو المتصرف في خلقه بما يشاء.