وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: مِنَ اللَّهِ الرِّسَالَةُ، وَعَلَى الرَّسُولِ الْبَلَاغُ، وَعَلَيْنَا التَّسْلِيمُ. (?)
وَقَدْ شَهِدَتْ لَهُ أُمَّتُهُ بِبَلَاغِ الرِّسَالَةِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ، وَاسْتَنْطَقَهُمْ بِذَلِكَ فِي أَعْظَمِ الْمَحَافِلِ، فِي خُطْبَتِهِ يَوْمَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَقَدْ كَانَ هُنَاكَ مِنَ الصَّحَابَةِ (?) نَحْوٌ مِنْ أَرْبَعِينَ أَلْفًا (?) كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، عَنْ جَابِرٍ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ يَوْمَئِذٍ: "أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ مَسْئُولُونَ عَنِّي، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟ " قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلّغت وأدّيتَ وَنَصَحْتَ. فَجَعَلَ يَرْفَعُ إِصْبَعَهُ إِلَى السَّمَاءِ ويَقلبها (?) إِلَيْهِمْ وَيَقُولُ: "اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ، اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ". (?)
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمير، حَدَّثَنَا فُضَيْلٌ -يَعْنِي ابْنَ غَزْوان-عَنْ عِكْرمَة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم في حجة الوداع: "يأيها النَّاسُ، أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ " قَالُوا: يَوْمٌ حَرَامٌ. قَالَ: "أَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟ " قَالُوا: بَلَدٌ حَرَامٌ. قَالَ: "فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟ " قَالُوا: شَهْرٌ حَرَامٌ. قَالَ: "فَإِنَّ أَمْوَالَكُمْ وَدِمَاءَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا". ثُمَّ أَعَادَهَا مِرَارًا. ثُمَّ رَفَعَ إِصْبَعَهُ (?) إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ: "اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ! " مِرَارًا -قَالَ: يَقُولُ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَاللَّهِ لَوصِيَّةٌ إِلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ-ثُمَّ قَالَ: "أَلَّا فَلْيُبْلِغِ الشاهدُ الغائِبَ، لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ".
وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ عن علي بن الْمَدِينِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ، بِهِ نَحْوَهُ. (?)
وَقَوْلُهُ: {وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} يَعْنِي: وَإِنْ لَمْ تُؤد إِلَى النَّاسِ مَا أَرْسَلْتُكَ بِهِ {فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} أَيْ: وَقَدْ عَلِم مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ لَوْ وَقَعَ.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} يَعْنِي: إِنْ كَتَمْتَ آيَةً مِمَّا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لَمْ تُبِلِّغْ رِسَالَتَهُ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا قُبَيْصة بْنُ عُقْبَةَ (?) حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} قَالَ: "يَا رَبِّ، كَيْفَ أَصْنَعُ وَأَنَا وَحْدِي؟ يَجْتَمِعُونَ عليَّ". فَنَزَلَتْ {وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}
وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ -وَهُوَ الثَّوْرِيُّ-بِهِ.
وَقَوْلُهُ: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} أَيْ: بَلِّغْ أَنْتَ رسالتي، وأنا حافظك وناصرك ومؤيدك على