59

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَرْبَعَةِ، وَهُوَ مُؤَذِّنُ أَهْلِ مَكَّةَ، وَامْتَدَّتْ أَيَّامُهُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ.

{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (59) قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (60) وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ (61) وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (62) لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الإثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (63) }

يَقُولُ تَعَالَى: قُلْ يَا مُحَمَّدُ، لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ (?) هُزُوًا وَلَعِبًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ: {هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزلَ مِنْ قَبْلُ} أَيْ: هَلْ لَكَمَ عَلَيْنَا مَطْعَنٌ أَوْ عَيْبٌ إِلَّا هَذَا؟ وَهَذَا لَيْسَ بِعَيْبٍ وَلَا مَذَمَّةٍ، فَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعًا (?) كَمَا فِي قَوْلِهِ: {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [الْبُرُوجِ:8] وَكَقَوْلِهِ: {وَمَا نَقَمُوا إِلا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ} [التَّوْبَةِ:74] وَفِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ: "مَا يَنْقِمُ ابْنُ جَميل إِلَّا أَنْ كَانَ فَقِيرًا فَأَغْنَاهُ اللَّهُ". (?)

وَقَوْلُهُ: {وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ} مَعْطُوفٌ عَلَى {أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزلَ مِنْ قَبْلُ} أَيْ: وَآمَنَّا بِأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ، أَيْ: خَارِجُونَ عَنِ الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ.

ثُمَّ قَالَ: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ} أَيْ: هَلْ أُخْبِرُكُمْ بِشَرِّ جَزَاءٍ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِمَّا تَظُنُّونَهُ بِنَا؟ وَهُمْ أَنْتُمُ الَّذِينَ هُمْ مُتَّصِفُونَ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ الْقَصِيرَةِ، فَقَوْلُهُ: {مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ} أَيْ: أَبْعَدَهُ مِنْ رَحْمَتِهِ {وَغَضِبَ عَلَيْهِ} أَيْ: غَضَبًا لَا يَرْضَى بَعْدَهُ أَبَدًا، {وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ} كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ. وَكَمَا سَيَأْتِي إِيضَاحُهُ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ [إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى] (?)

وَقَدْ قَالَ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ: عَنْ عَلْقَمَة بْنِ مَرْثَد، عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْد، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ، أَهِيَ مِمَّا مَسَخَ اللَّهُ [تَعَالَى] (?) ؟ فَقَالَ (?) إِنَّ اللَّهَ لَمْ يُهْلِكْ قَوْمًا -أَوْ قَالَ: لَمْ يَمْسَخْ قَوْمًا-فَيَجْعَلْ لَهُمْ نَسْلا وَلَا عَقِبًا (?) وَإِنَّ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ كانت قبل ذلك".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015