ثُمَّ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا هَنَّاد، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْر، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: لَمَّا انْهَزَمَ أَهْلُ بَدْرٍ قَالَ الْمُسْلِمُونَ لِأَوْلِيَائِهِمْ مِنْ يَهُودَ: آمِنُوا قَبْلَ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِيَوْمٍ مِثْلَ يَوْمِ بَدْرٍ! فَقَالَ مَالِكُ بْنُ الصَّيْفِ: أَغَرَّكُمْ أَنْ أَصَبْتُمْ رَهْطًا مِنْ قُرَيْشٍ لَا عِلْمَ لَهُمْ بِالْقِتَالِ!! أَمَا لَوْ أمْرَرْنا (?) الْعَزِيمَةَ أَنْ نَسْتَجْمِعَ عَلَيْكُمْ، لَمْ يَكُنْ لَكُمْ يَدٌ (?) بِقِتَالِنَا (?) فَقَالَ عُبَادَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَوْلِيَائِي مِنَ الْيَهُودِ كَانَتْ شَدِيدَةً أَنْفُسُهُمْ، كَثِيرًا سِلَاحُهُمْ، شَدِيدَةً شَوْكَتُهُمْ، وَإِنِّي أَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ [تَعَالَى] (?) وَإِلَى رَسُولِهِ مِنْ وِلَايَةِ يَهُودَ، وَلَا مَوْلَى لِي إِلَّا اللَّهُ وَرَسُولُهُ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ: لَكِنِّي لَا أَبْرَأُ مِنْ وَلَاءِ يَهُودٍ (?) أَنَا رَجُلٌ لَا بُدَّ لِي مِنْهُمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أَبَا الْحُبَابِ أَرَأَيْتَ الَّذِي نَفَّسْتَ بِهِ مِنْ وَلَاءِ (?) يَهُودَ عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، فَهُوَ لَكَ دُونَهُ؟ " فَقَالَ: إِذًا أقبلُ! قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ [بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ] } (?) إِلَى قَوْلِهِ: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [الْمَائِدَةِ: 67] . (?)

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: فَكَانَتْ أَوَّلَ قَبِيلَةٍ مِنَ الْيَهُودِ نَقَضَتْ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَنُو قَيْنُقَاعَ. فَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ: فَحَاصَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى نَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ، فَقَامَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بن أبي بن سَلُولَ، حِينَ أَمْكَنَهُ اللَّهُ مِنْهُمْ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَحْسِنْ فِي مَوَالي. وَكَانُوا حُلَفَاءَ الْخَزْرَجِ، قَالَ: فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَحْسِنْ فِي مَوَالِي. قَالَ: فَأَعْرَضَ عَنْهُ. فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي جَيْبِ دِرْعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. "أَرْسِلْنِي". وَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى رُئِي لِوَجْهِهِ ظُلَلًا ثُمَّ قَالَ: "وَيْحَكَ أَرْسِلْنِي". قَالَ: لَا وَاللَّهِ لَا أُرْسِلُكَ حَتَّى تُحْسِنَ فِي مَوَالي، أَرْبَعِمِائَةِ حَاسِرٍ، وَثَلَاثِمِائَةِ دَارِعٍ، قَدْ مَنَعُونِي مِنَ الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ، تَحْصُدُهُمْ (?) فِي غَدَاةٍ وَاحِدَةٍ؟! إِنِّي امْرُؤٌ أَخْشَى الدَّوَائِرَ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هُم لَكَ." (?)

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ يَسار، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: لَمَّا حَارَبَتْ بَنُو قَيْنُقَاع رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَشَبَّثَ بِأَمْرِهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، وَقَامَ دُونَهُمْ، وَمَشَى (?) عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ أَحَدَ بَنِي عَوْف بْنِ الْخَزْرَجِ، لَهُ مِنْ حِلْفِهِمْ مِثْلَ الَّذِي لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ، فَجَعَلَهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَبَرَّأَ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حِلْفِهِمْ، وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَبَرَّأُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ مِنْ حِلْفِهِمْ، وَأَتَوَلَّى اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، وَأَبْرَأُ مِنْ حِلْفَ الْكُفَّارِ وَوَلَايَتِهِمْ. فَفِيهِ وَفِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ نَزَلَتِ الْآيَاتُ فِي الْمَائِدَةِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} إِلَى قَوْلِهِ: (?) {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [الْمَائِدَةِ: 56] (?) .

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ محمد بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015