وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: تَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِ الْمُقْتَصِّ. وَقَالَ عَامِرٌ الشَّعْبِيُّ، وَعَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَالْحَارِثُ العُكْلِي، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَالزُّهْرِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ: تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُقْتَصِّ لَهُ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخعي، وَالْحَكَمُ بْنُ عتَيبة (?) وَعُثْمَانُ البَتِّيّ: يَسْقُطُ عَنِ الْمُقْتَصِّ لَهُ قَدْرُ تِلْكَ الْجِرَاحَةِ، وَيَجِبُ الْبَاقِي فِي مَالِهِ.
وَقَوْلُهُ: {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} يَقُولُ: فَمَنْ عَفَا عَنْهُ، وَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لِلْمَطْلُوبِ، وَأَجْرٌ لِلطَّالِبِ.
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} قَالَ: كَفَّارَةٌ لِلْجَارِحِ، وَأَجْرٌ الْمَجْرُوحِ (?) عَلَى اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، ثُمَّ قَالَ: وَرُوِيَ عن خَيْثَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُجَاهِدٍ، وَإِبْرَاهِيمَ -فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ-وَعَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ-نَحْوُ ذَلِكَ الْوَجْهِ الثَّانِي، ثُمَّ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ:
حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَاذَانَ، حَدَّثَنَا حَرَمِيٌّ -يَعْنِي ابْنَ عُمَارَةَ-حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عُمَارَةَ -يَعْنِي ابْنَ أَبِي حَفْصَةَ-عَنْ رَجُلٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، فِي قَوْلِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ (?) {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} قَالَ: لِلْمَجْرُوحِ. وَرَوَى عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ -فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ-وَأَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ، نَحْوَ ذَلِكَ.
وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ وَقَتَادَةَ، مِثْلَهُ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَيْسٍ -يَعْنِي بْنَ مُسْلِمٍ-قَالَ: سَمِعْتُ طَارِقَ بْنَ شِهَابٍ يُحَدِّثُ، عَنِ الْهَيْثَمِ أَبِي (?) الْعُرْيَانِ النَّخَعِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو عِنْدَ مُعَاوِيَةَ أَحْمَرَ شَبِيهًا بِالْمَوَالِي، فَسَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ [عَزَّ وَجَلَّ] (?) {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} قَالَ: يَهْدِمُ عَنْهُ مِنْ ذُنُوبِهِ بِقَدْرِ مَا تَصدق بِهِ.
وَهَكَذَا رَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ. وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ وَشُعْبَةَ.
وَقَالَ ابْنُ مَرْدُويَه: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مُحَمَّدٍ المُجَاشِعي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَجَّاجِ الْمَهْرِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ الجُعْفي، حَدَّثَنَا مُعلَّى -يَعْنِي ابْنَ هِلَالٍ (?) -أَنَّهُ سَمِعَ أَبَانَ بْنَ تَغْلِبَ، عَنْ أَبِي الْعُرْيَانِ الْهَيْثَمِ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -وَعَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ: {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} قَالَ: هُوَ الَّذِي تُكْسَرُ سِنَّهُ، أَوْ تُقْطَعُ يَدُهُ، أَوْ يُقْطَعُ الشَّيْءُ (?) مِنْهُ، أَوْ يُجْرَحُ فِي بَدَنِهِ فَيَعْفُو عَنْ ذَلِكَ، وَقَالَ فَيُحَطّ عَنْهُ قَدْرُ خَطَايَاهُ، فَإِنْ كَانَ رُبْعُ الدِّيَةِ فَرُبْعُ خَطَايَاهُ، وَإِنْ كَانَ الثُّلْثُ فَثُلْثُ خَطَايَاهُ، وَإِنْ