دِرْهَمًا، فَهِيَ ثَمَنُ رُبْعِ دِينَارٍ، فَأَمْكَنَ الْجَمْعُ بِهَذِهِ الطَّرِيقِ.
وَيُرْوَى هَذَا المذهبُ عَنْ عُمَر بْنِ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. وَبِهِ يَقُولُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، والأوزاعي، والشافعي، وأصحابه، وإسحاق بن رَاهْوَيْهِ -فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ-وَأَبُو ثَوْرٍ، وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ الظَّاهِرِيُّ، رَحِمَهُمُ اللَّهُ.
وَذَهَبَ الْإِمَامُ أحمد بن حنبل، وإسحاق بن رَاهْوَيْهِ -فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ-إِلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ رُبْعِ الدِّينَارِ وَالثَّلَاثَةِ دَرَاهِمَ مَرَدٌ شَرْعِيٌّ، فَمَنْ سَرَقَ وَاحِدًا مِنْهُمَا، أَوْ مَا يُسَاوِيهِ قُطِعَ عَمَلًا بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَبِحَدِيثِ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَوَقَعَ فِي لَفْظٍ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، عَنْ عَائِشَةَ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا] (?) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "اقْطَعُوا فِي رُبْعِ دِينَارٍ، وَلَا تَقْطَعُوا فِيمَا هُوَ أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ" (?) وَكَانَ رُبْعُ الدِّينَارِ يَوْمئِذٍ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ، وَالدِّينَارُ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا. وَفِي لَفْظٍ لِلنَّسَائِيِّ: لَا تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ فِيمَا دُونَ ثَمَنِ الْمِجَنِّ. قِيلَ (?) لِعَائِشَةَ: مَا ثَمَنُ المجَن؟ قَالَتْ: رُبْعُ دِينَارٍ. (?)
فَهَذِهِ كُلُّهَا نُصُوصٌ دَالَّةٌ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ عِشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ: أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وزُفَر، وَكَذَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، رَحِمَهُمُ اللَّهُ، فَإِنَّهُمْ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ النِّصَابَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ مَضْرُوبَةٍ غَيْرِ مَغْشُوشَةٍ. وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ ثَمَنَ الْمِجَنِّ الَّذِي قُطِعَ فِيهِ السَّارِقُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ ثَمَنُهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ. وَقَدْ رَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَير وَعَبْدُ الْأَعْلَى (?) وَعَنْ (?) مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ ثَمَنُ الْمِجَنِّ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ. (?)
ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم: لا تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ فِي دُونِ ثَمَنِ المِجَن". وَكَانَ ثَمَنُ الْمِجَنِّ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ. (?)
قَالُوا: فَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو قَدْ خَالَفَا ابْنَ عُمَرَ فِي ثَمَنِ الْمِجَنِّ، فَالِاحْتِيَاطُ الْأَخْذُ بِالْأَكْثَرِ؛ لِأَنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبَهَاتِ.
وَذَهَبَ بَعْضُ السَّلَفِ إِلَى أَنَّهُ تُقْطَعُ يدُ السَّارِقِ فِي عَشَرَةِ دَرَاهِمَ، أَوْ دِينَارٍ، أَوْ مَا يَبْلُغُ قِيمُتُهُ وَاحِدًا مِنْهُمَا، يُحْكَى هَذَا عَنْ علي، وابن مسعود، وإبراهيم النَّخَِي، وأبي جعفر الباقر، رحمهم الله تعالى.