[جَمِيعًا] (?)
وَهَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ: {وَمَنْ أَحْيَاهَا} أَيْ: كَفَّ عَنْ قَتْلِهَا.
وَقَالَ العَوْفِيّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} يَقُولُ: مَنْ قَتَلَ نَفْسًا وَاحِدَةً حَرَّمَهَا اللَّهُ، فَهُوَ مِثْلُ مَنْ قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: مَنِ اسْتَحَلَّ دمَ مُسْلِم فَكَأَنَّمَا اسْتَحَلَّ دِمَاءَ النَّاسِ جَمِيعًا، وَمَنْ حَرَّمَ دَمَ مُسْلِمٍ فَكَأَنَّمَا حَرَّمَ دِمَاءَ النَّاسِ جَمِيعًا.
هَذَا قَوْلٌ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَقَالَ عِكْرمة وَالْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [فِي قَوْلِهِ: {فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} يَقُولُ] (?) مَنْ قَتَلَ نَبِيًّا أَوْ إِمَامَ عَدْل، فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا، وَمَنْ شَدّ عَلَى عَضد نَبِيٍّ أَوْ إِمَامِ عَدل، فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ: مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مَنْ قَتَلَ النَّفْسَ فَلَهُ النَّارُ، فَهُوَ كَمَا لَوْ قَتَلَ النَّاسَ كُلَّهُمْ.
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْج (?) عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: {فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} مَنْ قَتَلَ النَّفْسَ الْمُؤْمِنَةَ مُتَعَمِّدًا، جَعَلَ اللَّهُ جَزَاءَهُ جَهَنَّمَ، وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ، وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا، يَقُولُ: لَوْ قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا لَمْ يَزِدْ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ الْعَذَابِ.
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ مُجَاهِدٌ {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} قَالَ: مَنْ لَمْ يَقْتُلْ أَحَدًا فَقَدْ حَيِيَ النَّاسُ مِنْهُ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: مَنْ قَتَلَ نَفْسًا فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ [جَمِيعًا] (?) يَعْنِي: فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَصَّاصُ، فَلَا (?) فَرْقَ بَيْنَ الْوَاحِدِ وَالْجَمَاعَةِ {وَمَنْ أَحْيَاهَا} أَيْ: عَفَا عَنْ قَاتِلِ وَلِيِّهِ، فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا. وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِيهِ. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ -فِي رِوَايَةٍ-: {وَمَنْ أَحْيَاهَا} أَيْ: أَنْجَاهَا مِنْ غَرق أَوْ حَرق أَوْ هَلكة.
وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ فِي قَوْلِهِ: {أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} هَذَا تَعْظِيمٌ لِتَعَاطِي الْقَتْلِ -قَالَ قَتَادَةُ: عَظُم وَاللَّهِ وِزْرُهَا، وَعَظُمَ وَاللَّهِ أَجْرُهَا.
وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سَلَامِ بْنِ مِسْكِينٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ الرِّبْعِي قَالَ: قُلْتُ لِلْحَسَنِ: هَذِهِ الْآيَةُ لَنَا يَا أَبَا سَعِيدٍ، كَمَا كَانَتْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ؟ فَقَالَ: إِي وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، كَمَا كَانَتْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ. وَمَا جُعِلَ دِمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ مِنْ دِمَائِنَا.
وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: {فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} قَالَ: وِزْرًا. {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} قَالَ: أَجْرًا.