فَأَسْتَرِيحُ مِنْكَ، دَعَا لَكَ أَبُوكَ فَصَلَّى عَلَى قُرْبَانِكَ، فَتُقُبِّلَ مِنْكَ. وَكَانَ (?) يَتَوَاعَدُهُ بِالْقَتْلِ، إِلَى أَنِ احْتَبَسَ هَابِيلَ ذَاتَ عَشِيَّةٍ فِي غَنَمِهِ، فَقَالَ آدَمُ: يَا قَابِيلُ، أَيْنَ أَخُوكَ؟ [قَالَ] (?) قَالَ: وبَعثتني لَهُ رَاعِيًا؟ لَا أَدْرِي. فَقَالَ [لَهُ] (?) آدَمُ: وَيْلَكَ يَا قَابِيلُ. انْطَلِقْ فَاطْلُبْ أَخَاكَ. فَقَالَ قَابِيلُ فِي نَفْسِهِ: اللَّيْلَةَ أَقْتُلُهُ. وَأَخَذَ مَعَهُ حَدِيدَةً فَاسْتَقْبَلَهُ وَهُوَ مُنْقَلِبٌ، فَقَالَ: يَا هَابِيلُ، تُقُبِّلَ قُرْبَانُكَ وَرُدَّ عَلَيَّ قُرْبَانِي، لَأَقْتُلَنَّكَ. فَقَالَ هَابِيلُ: قربتُ أَطْيَبَ مَالِي، وقربتَ أَنْتَ أَخْبَثَ مَالِكَ، وَإِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ (?) إِلَّا الطَّيِّبَ، إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ، فَلَمَّا قَالَهَا غَضِبَ قَابِيلُ فَرَفَعَ الْحَدِيدَةَ وَضَرَبَهُ (?) بِهَا، فَقَالَ: وَيْلَكَ يَا قَابِيلُ أَيْنَ أَنْتَ مِنَ اللَّهِ؟ كَيْفَ يَجْزِيكَ بِعَمَلِكَ؟ فَقَتَلَهُ فَطَرَحَهُ فِي جَوْبة (?) مِنَ الْأَرْضِ، وَحَثَى عَلَيْهِ شَيْئًا مِنَ التُّرَابِ. (?)
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْكِتَابِ الْأَوَّلِ: إِنَّ آدَمَ أَمَرَ ابْنَهُ قَيْنًا (?) أَنْ يَنْكِحَ أُخْتَهُ تَوأمة هَابِيلَ، وَأَمَرَ هَابِيلَ أَنْ يَنْكِحَ أُخْتَهُ تَوْأَمَةَ قَيْنٍ، فَسَلَّمَ لِذَلِكَ هَابِيلُ وَرَضِيَ، وَأَبَى ذَلِكَ قَيْنٌ وَكَرِهَ، تَكَرُّمًا عَنْ أُخْتِ هَابِيلَ، وَرَغِبَ بِأُخْتِهِ عَنْ هَابِيلَ، وَقَالَ: نَحْنُ وِلَادَةُ الْجَنَّةِ، وَهُمَا مِنْ وِلَادَةِ (?) الْأَرْضِ، وَأَنَا أَحَقُّ بِأُخْتِي -وَيَقُولُ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْكِتَابِ الْأَوَّلِ: كَانَتْ أُخْتُ قَيْنٍ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ، فَضَنّ بِهَا عَنْ أَخِيهِ وَأَرَادَهَا لِنَفْسِهِ، فَاللَّهُ (?) أَعْلَمُ أَيَّ ذَلِكَ كَانَ-فَقَالَ لَهُ أَبُوهُ: يَا بُنَيَّ، إِنَّهَا لَا تَحِلُّ لَكَ، فَأَبَى قَابِيلُ (?) أَنْ يَقْبَلَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ أَبِيهِ. فَقَالَ لَهُ أَبُوهُ: يَا بُنَيَّ، قَرِّبْ (?) قُرْبَانًا، وَيُقَرِّبْ أَخُوكَ هَابِيلُ قُرْبَانًا، فَأَيُّكُمَا تُقُبِّل (?) قُرْبَانُهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا، وَكَانَ قَيْنٌ عَلَى بَذْر الْأَرْضِ، وَكَانَ هَابِيلُ عَلَى رِعَايَةِ الْمَاشِيَةِ، فَقَرَّبَ قَيْنٌ قَمْحًا، وَقَرَّبَ هَابِيلُ أَبْكَارًا مِنْ أَبْكَارِ غَنَمِهِ -وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: قَرَّبَ بَقَرَةً-فَأَرْسَلَ اللَّهُ نَارًا بَيْضَاءَ، فَأَكَلَتْ قُرْبَانَ هَابِيلَ، وَتَرَكَتْ قُرْبَانَ قَيْنٍ، وَبِذَلِكَ كَانَ يُقْبَل (?) الْقُرْبَانُ إِذَا (?) قَبِلَهُ. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ.
وَقَالَ العَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ مِنْ شَأْنِهِمَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِسْكِينٌ يُتَصَدّق عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا كَانَ الْقُرْبَانُ يُقَرِّبُهُ الرَّجُلُ. فَبَيْنَا (?) ابْنَا آدَمَ قَاعِدَانِ إِذْ قَالَا لَوْ قَرَّبْنَا قُرْبَانًا وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا قَرَّبَ قُرْبَانًا فَرَضِيَهُ (?) اللَّهُ، أَرْسَلَ إِلَيْهِ نَارًا فَتَأْكُلَهُ (?) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَضِيَهُ اللَّهُ خَبَت النَّارُ، فَقَرَّبَا قُرْبَانًا، وَكَانَ أَحَدُهُمَا رَاعِيًا، وَكَانَ الْآخَرُ حَرّاثا، وَإِنَّ صَاحِبَ الْغَنَمِ قَرَّبَ خَيْرَ غَنِمِهِ وَأَسْمَنَهَا، وَقَرَّبَ الْآخَرُ بَعْضَ زَرْعِهِ، فَجَاءَتِ النَّارُ فَنَزَلَتْ بَيْنَهُمَا، فَأَكَلَتِ الشَّاةَ وَتَرَكَتِ الزَّرْعَ، وَإِنَّ ابْنَ آدَمَ قَالَ لِأَخِيهِ: أَتَمْشِي فِي النَّاسِ وَقَدْ عَلِمُوا أَنَّكَ قَرّبت قُرْبَانًا فَتُقُبِّل مِنْكَ وَرُدّ عليَّ؟ فَلَا وَاللَّهِ لَا يَنْظُرُ النَّاسُ إِلَيْكَ وإليَّ وأنت