وَقَدْ رَأَيْتُ فِي السِّفْرِ الرَّابِعِ مِنَ التَّوْرَاةِ تَعْدَادَ النُّقَبَاءِ عَلَى أَسْبَاطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَسْمَاءً مُخَالِفَةً لِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، قَالَ فِيهَا: فَعَلَى بَنِي رُوبِيلَ: "الصَّوْنِيُّ بْنُ سَادُونَ"، وَعَلَى بَنِي شَمْعُونَ: "شَمْوَالُ بْنُ صَورْشكي"، وعلى بني يهوذا: "يحشون بن عمبيا ذاب (?) وَعَلَى بَنِي يسَاخرَ: "شَالُ بْنُ صَاعُونَ"، وَعَلَى بَنِي زبلونَ: "اليابُ بْنُ حالوبَ (?) ، وَعَلَى بَنِي يُوسُفَ إِفْرَايِمُ: "منشا (?) بْنُ عمنهودَ"، وَعَلَى بَنِي مَنَشا: "حمليائيلُ بْنُ يرصونَ"، وَعَلَى بَنِي بِنْيَامِينَ: "أبيدنُ بْنُ جَدْعُونَ"، وَعَلَى بَنِي دَانٍ: "جَعَيْذَرُ بْنُ عميشذي"، وَعَلَى بَنِي أَسِيرٍ: "نَحَايِلُ بْنُ عَجْرَانَ"، وَعَلَى بَنِي حَازَ: "السَّيْفُ بْنُ دَعْوَايِيلَ"، وَعَلَى بَنِي نَفْتَالِي: "أَجْزَعُ بْنُ عَمْينَانَ".
وَهَكَذَا لَمَّا بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَنْصَارَ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ، كَانَ فِيهِمُ اثْنَا عَشَرَ نَقِيبًا، ثَلَاثَةٌ مِنَ الْأَوْسِ وَهُمْ: أُسَيْدُ بْنُ الحُضَيْر، وَسَعْدُ بْنُ خَيْثَمَة، وَرِفَاعَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ -وَيُقَالُ بَدَلُهُ: أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَتِسْعَةٌ مِنَ الْخَزْرَجِ، وَهُمْ: أَبُو أُمَامَةَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارة، وَسَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، وَرَافِعُ بْنُ مَالِكِ بْنِ العَجْلان (?) وَالْبَرَاءُ بْنُ مَعْرور، وَعِبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، وَسَعْدُ بْنُ عُبَادة، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرو بْنِ حَرَامٍ، وَالْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرو بْنِ خُنَيس، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. وَقَدْ ذَكَرَهُمْ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ فِي شِعْرٍ لَهُ، كَمَا أَوْرَدَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ، رَحِمَهُ اللَّهُ. (?)
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ هَؤُلَاءِ كَانُوا عَرْفَاءَ عَلَى قَوْمِهِمْ لَيْلَتَئِذٍ عَنْ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ بِذَلِكَ، وَهُمُ الَّذِينَ وُلُّوا الْمُبَايَعَةَ وَالْمُعَاقَدَةَ عَنْ قَوْمِهِمْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ مُجالد، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ يُقْرِئُنَا الْقُرْآنَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هَلْ سَأَلْتُمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَمْ يَمْلِكُ هَذِهِ الْأُمَّةَ مِنْ خَلِيفَةٍ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَدٌ مُنْذُ قدمتُ الْعِرَاقَ قَبْلَكَ، ثُمَّ قَالَ: نَعَمْ وَلَقَدْ سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "اثْنَا عَشَرَ كَعِدَّةِ نُقَبَاءَ بَنِي إِسْرَائِيلَ".
هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ (?) وَأَصْلُ هَذَا الْحَدِيثِ ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ (?) حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرة قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَا يَزَالُ أَمْرُ النَّاسِ مَاضِيًا مَا وَلِيَهُمُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا". ثُمَّ تَكَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَلِمَةٍ خَفِيَتْ عَلَيّ، فَسَأَلْتُ أَبِي: مَاذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: "كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ".
وَهَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ (?) وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ الْبِشَارَةُ بِوُجُودِ اثْنَيْ عَشَرَ خَلِيفَةً صَالِحًا (?) يُقِيمُ الْحَقَّ وَيَعْدِلُ فِيهِمْ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا تَوَالِيهِمْ (?) وَتَتَابُعُ أَيَّامِهِمْ، بَلْ قَدْ وُجِدَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةٌ عَلَى نَسَق، وَهُمُ الْخُلَفَاءُ الْأَرْبَعَةُ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَمِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِلَا شَكٍّ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ، وَبَعْضُ بَنِي الْعَبَّاسِ. وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تكون ولايتهم لا محالة، والظاهر أن