مِنَ الرَّأْسِ أَوِ الْوَجْهِ، وَفِي الْمُسْتَرْسِلِ مِنَ اللِّحْيَةِ عَنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَجِبُ إِفَاضَةُ الْمَاءِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ تَقَعُ بِهِ الْمُوَاجَهَةُ. وَرُوِيَ فِي حَدِيثٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا مُغَطِّيًا لِحْيَتَهُ، فَقَالَ: "اكْشِفْهَا، فَإِنَّ اللِّحْيَةَ مِنَ الْوَجْهِ" (?) وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هِيَ مِنَ الْوَجْهِ، أَلَا تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِ الْعَرَبِ فِي الْغُلَامِ إِذَا نَبَتَتْ لِحْيَتُهُ: طَلَعَ وَجْهُهُ.

وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُتَوَضِّئِ أَنْ يُخَلِّلَ لِحْيَتَهُ إِذَا كَانَتْ كَثَّة، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَامِرِ بْنِ شَقِيقِ بْنِ جَمْرَة، عَنْ أَبِي وَائِلٍ (?) قَالَ: رَأَيْتُ عُثْمَانَ تَوَضَّأَ -فَذَكَرَ الْحَدِيثَ-قَالَ: وَخَلَّلَ اللِّحْيَةَ ثَلَاثًا حِينَ غَسَلَ وَجْهَهُ ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ الَّذِي رَأَيْتُمُونِي فَعَلْتُ.

رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ (?) وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَحَسَّنَهُ الْبُخَارِيُّ.

وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَة الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو المَلِيح، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ زَوْرَانَ (?) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا تَوَضَّأَ أَخَذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَأَدْخَلَهُ تَحْتَ حَنَكِهِ، يُخَلِّلُ (?) بِهِ لِحْيَتَهُ، وَقَالَ: "هَكَذَا أَمَرَنِي بِهِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ.

تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو دَاوُدَ (?) وَقَدْ رُوي هَذَا (?) مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ أَنَسٍ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَرُوِّينَا فِي تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ عَنْ عَمَّارٍ، وَعَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ عَنْ عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ، وَرُوِّينَا فِي الرُّخْصَةِ فِي تَرْكِهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، ثُمَّ عَنِ النَّخَعِيِّ، وَجَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعَيْنِ. (?)

وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ فِي الصِّحَاحِ وَغَيْرِهَا: أَنَّهُ كَانَ إِذَا تَوَضَّأَ تَمَضْمَضَ (?) وَاسْتَنْشَقَ، فَاخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ فِي ذَلِكَ: هَلْ هُمَا وَاجِبَانِ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ؟ أَوْ مُسْتَحَبَّانِ فِيهِمَا، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ؟ لِمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيمة، عَنْ رَفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرْقِيِّ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْمُسِيءِ فِي صِلَاتِهِ: "تَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَكَ اللَّهُ" (?) أَوْ يَجِبَانِ فِي الْغَسْلِ دُونَ الْوُضُوءِ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ؟ أَوْ يجب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015