قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَة، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْر، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعة، حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْر، عَنْ عَدِيّ بْنِ حَاتِمٍ، وَزَيْدِ بْنِ المهَلْهِل الطَّائِيَّيْنِ (?) سَأَلَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ حَرَّمَ اللَّهُ الْمَيْتَةَ، فَمَاذَا يَحِلُّ لَنَا مِنْهَا؟ فَنَزَلَتْ: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} قَالَ سَعِيدُ [بْنُ جُبَيْرٍ] (?) يَعْنِي: الذَّبَائِحَ الْحَلَالَ الطَّيِّبَةَ لَهُمْ. وَقَالَ مُقَاتِلُ: [بْنُ حَيَّانَ] (?) [فِي قَوْلِهِ: {قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} ] (?) فَالطَّيِّبَاتُ مَا أُحِلَّ لَهُمْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ أَنْ يُصِيبُوهُ (?) وَهُوَ الْحَلَالُ مِنَ الرِّزْقِ. وَقَدْ سُئِلَ الزُّهْرِيُّ عَنْ شُرْبِ الْبَوْلِ لِلتَّدَاوِي فَقَالَ: لَيْسَ هُوَ مِنَ الطَّيِّبَاتِ.
رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ (?) وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ بَيْعِ الطِّينِ الَّذِي يَأْكُلُهُ النَّاسُ. فَقَالَ: لَيْسَ هُوَ مِنَ الطَّيِّبَاتِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} أَيْ: أُحِلَّ لَكُمُ الذَّبَائِحُ الَّتِي ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهَا وَالطَّيِّبَاتُ مِنَ الرِّزْقِ، وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا اصْطَدْتُمُوهُ (?) بِالْجَوَارِحِ، وَهِيَ مِنَ الْكِلَابِ وَالْفُهُودِ وَالصُّقُورِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْأَئِمَّةِ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} وَهُنَّ (?) الْكِلَابُ الْمُعَلَّمَةُ (?) وَالْبَازِي، وَكُلُّ طَيْرٍ يُعَلَّمُ لِلصَّيْدِ (?) وَالْجَوَارِحُ: يَعْنِي الْكِلَابَ الضَّوَارِي وَالْفُهُودَ وَالصُّقُورَ وَأَشْبَاهَهَا.
رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، ثُمَّ قَالَ: وَرُوِيَ عَنْ خَيْثَمَة، وَطَاوُسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَمَكْحُولٍ، وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، نَحْوُ ذَلِكَ. وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: الْبَازُ وَالصَّقْرُ مِنَ الْجَوَارِحِ. وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ مَثَلُهُ. ثُمَّ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ كَرِهَ صَيْدَ الطَّيْرِ كُلِّهِ، وَقَرَأَ قَوْلَ اللَّهِ [عَزَّ وَجَلَّ] (?) {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} قَالَ: وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ نَحْوَ ذَلِكَ.
وَنَقَلَهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الضَّحَّاكِ والسُّدِّي، ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنَا هَنَّاد، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، أَخْبَرْنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أَمَّا مَا صَادَ مِنَ الطَّيْرِ البُزاة وَغَيْرُهَا مِنَ الطَّيْرِ، فَمَا أدركتَ فَهُوَ لَكَ، وَإِلَّا فَلَا تَطْعَمْهُ.
قُلْتُ: وَالْمَحْكِيُّ عَنِ الْجُمْهُورِ أَنَّ صَيْدَ الطُّيُورِ كَصَيْدِ الْكِلَابِ (?) ؛ لِأَنَّهَا تَكْلَبُ الصَّيْدَ بِمَخَالِبِهَا (?) كَمَا تَكْلُبُهُ الْكِلَابُ، فَلَا فَرْقَ. وَهَذَا (?) مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَاحْتَجَّ فِي ذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ عَنْ هَنَّادٍ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ مَجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عَنْ صَيْدِ الْبَازِي، فَقَالَ: "مَا أَمْسَكَ عَلَيْكَ فَكُلْ". (?)