كلَّمه يَوْمَ نَادَاهُ، فَقَالَ لَهُ مُوسَى: يَا رَبُّ، هَذَا كَلَامُكَ الَّذِي كَلَّمْتَنِي بِهِ؟ قَالَ: لَا يَا مُوسَى، أَنَا كَلَّمْتُكَ بِقُوَّةِ عَشَرةِ آلَافِ لِسَانٍ، وَلِي قوةُ الألْسِنة كُلِّهَا، وَأَنَا أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ. فَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالُوا: يَا مُوسَى، صِفْ لَنَا كَلَامَ الرَّحْمَنِ. قَالَ: لَا أَسْتَطِيعُهُ. قَالُوا: فَشَّبِهْ لَنَا. قَالَ: أَلَمْ تَسْمَعُوا (?) إِلَى صَوْتِ الصَّوَاعِقِ فَإِنَّهَا قَرِيبٌ مِنْهُ، وَلَيْسَ بِهِ. وَهَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ، فَإِنَّ الفضلَ هَذَا الرَّقَاشِيَّ ضَعِيفٌ بِمَرَّةٍ.

وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَر، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ جَزْء بْنِ جَابِرٍ الخَثْعَمي، عَنْ كَعْبٍ قَالَ: إِنِ اللَّهَ لَمَّا كَلَّمَ مُوسَى كَلَّمَهُ بِالْأَلْسِنَةِ كُلِّهَا سِوَى كَلَامِهِ، فَقَالَ لَهُ مُوسَى يَا رَبُّ، هَذَا كَلَامُكَ؟ قَالَ: لَا وَلَوْ كَلَّمْتُكَ بِكَلَامِي لَمْ تَستَقِمْ لَهُ. قَالَ: يَا رَبُّ، فَهَلْ مَنْ خَلْقِكَ شَيْءٌ يُشْبِهُ كَلَامَكَ؟ قَالَ: لَا وَأَشَدُّ خَلْقِي شَبَهًا بِكَلَامِي أَشَدُّ مَا تَسْمَعُونَ مِنَ الصَّوَاعِقِ.

فَهَذَا مَوْقُوفٌ عَلَى كَعْبِ الْأَحْبَارِ، وَهُوَ يَحْكِي عَنِ الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى أَخْبَارِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَفِيهَا الغَثُّ والسَّمِين.

وَقَوْلُهُ: {رُسُلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} أَيْ: يُبَشِّرُونَ مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ وَاتَّبَعَ رِضْوَانَهُ بِالْخَيِّرَاتِ، وَيُنْذِرُونَ مَنْ خَالَفَ أَمْرَهُ وَكَذَّبَ رُسُلَهُ بِالْعِقَابِ وَالْعَذَابِ.

وَقَوْلُهُ: {لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} أَيْ: أَنَّهُ تَعَالَى أَنْزَلَ كُتُبَهُ وَأَرْسَلَ رُسُلَهُ بِالْبِشَارَةِ وَالنِّذَارَةِ، وَبَيَّنَ مَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ مِمَّا يَكْرَهُهُ وَيَأْبَاهُ؛ لِئَلَّا يَبْقَى لِمُعْتَذِرٍ عُذْرٌ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى} [طَهَ: 134] ، وَكَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَوْلا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ [فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ] (?) } [الْقَصَصِ: 47] .

وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ (?) عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ] (?) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا أحَدَ أغَيْرَ من الله، من أجل ذلك حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَر مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَلَا أحدَ أحبَّ إِلَيْهِ المدحُ مِنَ اللَّهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ مَدَحَ نَفْسَهُ، وَلَا أحدَ أحَبَّ إِلَيْهِ العُذر مِنَ اللَّهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ" وَفِي لَفْظٍ: "مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَرْسَلَ رُسُلَهُ، وَأَنْزَلَ كُتُبَهُ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015