وَحَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ (?) عَنْ بُكَيْرِ (?) بْنِ الْأَخْنَسِ قَالَ: كَانَ يُقَالُ: إِذَا قَرَأَ الْأَعْجَمِيُّ وَالَّذِي لَا يُقِيمُ الْقُرْآنَ كَتَبَهُ الْمَلَكُ كَمَا أُنْزِلَ. وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: الْمَدَارُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْخُشُوعِ فِي الْقِرَاءَةِ، فَإِنْ كَانَ الْخُشُوعُ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ عَلَى ظَهْرِ الْقَلْبِ فَهُوَ أَفْضَلُ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَ النَّظَرِ فِي الْمُصْحَفِ (?) فَهُوَ أَفْضَلُ فَإِنِ اسْتَوَيَا فَالْقِرَاءَةُ نَظَرًا أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا أَثْبَتُ وَتَمْتَازُ بِالنَّظَرِ فِي الْمُصْحَفِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو زَكَرِيَّا النَّوَوِيُّ (?) رَحِمَهُ اللَّهُ، فِي التِّبْيَانِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ كَلَامَ السَّلَفِ وَفِعْلَهُمْ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ.
تَنْبِيهٌ:
إِنْ كَانَ الْبُخَارِيُّ، رَحِمَهُ اللَّهُ، أَرَادَ بِذِكْرِ (?) حَدِيثِ سَهْلٍ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ تِلَاوَةَ الْقُرْآنِ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي الْمُصْحَفِ، فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهَا قَضِيَّةُ عَيْنٍ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ ذَلِكَ الرَّجُلَ كَانَ لَا يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ وَيَعْلَمُ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منه، فَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التِّلَاوَةَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ أَفْضَلُ مُطْلَقًا فِي حَقِّ مَنْ يُحْسِنُ وَمَنْ لَا يُحْسِنُ، إِذْ لَوْ دَلَّ هَذَا لَكَانَ ذِكْرُ حَالِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتِلَاوَتُهُ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ -لِأَنَّهُ أُمِّيٌّ لَا يَدْرِي الْكِتَابَةَ-أَوْلَى مِنْ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ بِمُفْرَدِهِ.
الثَّانِي: أَنَّ سِيَاقَ الْحَدِيثِ إِنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ اسْتِثْبَاتِ أَنَّهُ يَحْفَظُ تِلْكَ السُّوَرَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ؛ لِيُمْكِنَهُ تَعْلِيمُهَا لِزَوْجَتِهِ، وَلَيْسَ الْمَرَادُ هَاهُنَا: أَنَّ هَذَا أَفْضَلُ مِنَ التِّلَاوَةِ نَظَرًا، وَلَا عَدَمِهِ (?) وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم.