يَنْزِلْ عَلَيَّ فِيهِ" (?) .
وَقَدْ رَوَى ابْنُ مَرْدُويه، مِنْ طَرِيقِ الْعَوْفِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّ نَفَرًا مِنَ الْأَنْصَارِ غَزَوْا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ غَزَوَاتِهِ، فَسُرِقَتْ دِرْعٌ لِأَحَدِهِمْ، فَأُظِنَّ بِهَا رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَأَتَى صَاحِبُ الدِّرْعِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنْ طُعْمةَ بْنَ أُبَيْرق سَرَقَ دِرْعِي، فَلَمَّا رَأَى السَّارِقُ (?) ذَلِكَ عَمَدَ إِلَيْهَا فَأَلْقَاهَا فِي بَيْتِ رَجُلٍ بَرِيءٍ، وَقَالَ لِنَفَرٍ مِنْ عَشِيرَتِهِ: إِنِّي غَيَّبْتُ الدِّرْعَ وَأَلْقَيْتُهَا فِي بَيْتِ فُلَانٍ، وَسَتُوجَدُ عِنْدَهُ. فَانْطَلِقُوا إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلًا فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّ صَاحِبَنَا بَرِيءٌ. وَإِنَّ صَاحِبَ الدِّرْعِ فُلَانٌ، وَقَدْ أحطنا بذلك علما، فاعذُرْ صاحبنا على رءوس النَّاسِ وَجَادِلْ عَنْهُ. فَإِنَّهُ إِلَّا (?) يَعْصِمْهُ اللَّهُ بِكَ يَهْلِكْ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فبرأه وعذرَه على رءوس النَّاسِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {إِنَّا أَنزلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (?) } [يَقُولُ: احْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فِي الْكِتَابِ] (?) {وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا. وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ [إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا] (?) } ثُمَّ قَالَ لِلَّذِينِ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَخْفين بِالْكَذِبِ: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ [وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا. هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلا] (?) } يَعْنِي: الَّذِينَ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَخْفِينَ يُجَادِلُونَ عَنِ الْخَائِنِينَ ثُمَّ قَالَ: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ [ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا] (?) } يَعْنِي: الَّذِينَ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَخْفِينَ بِالْكَذِبِ، ثُمَّ قَالَ: {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} يَعْنِي: السَّارِقَ وَالَّذِينَ جَادَلُوا عَنِ السَّارِقِ. وَهَذَا سِيَاقٌ غَرِيبٌ (?) وَكَذَا (?) ذَكَرَ مُجَاهِدٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَقَتَادَةُ، وَالسُّدِّيُّ، وَابْنُ زَيْدٍ وَغَيْرُهُمْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهَا أُنْزِلَتْ (?) فِي سَارِقِ بَنِي أُبَيْرِقٍ عَلَى اخْتِلَافِ سِيَاقَاتِهِمْ، وَهِيَ مُتَقَارِبَةٌ.
وَقَدْ رَوَى هَذِهِ الْقِصَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ مُطَوَّلَةً، فَقَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ عِنْدَ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ مَنْ جَامِعِهِ، وَابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ:
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي شُعَيْبٍ أَبُو مُسْلِمٍ الحرَّاني، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الحرَّاني، حَدَّثَنَا محمد بن إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَر بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَتَادة بْنِ النُّعْمَانِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ أَهْلُ بَيْتٍ مِنَّا يُقَالُ لَهُمْ بَنُو أُبَيْرق: بِشْر وَبُشَيْرٌ ومُبَشّر، وَكَانَ بُشَير رَجُلًا مُنَافِقًا، يَقُولُ (?) الشِّعْرَ يَهْجُو بِهِ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ يُنْحِلُهُ بَعْضَ الْعَرَبِ، ثُمَّ يَقُولُ: قَالَ فُلَانٌ كَذَا وَكَذَا، وَقَالَ فُلَانٌ كَذَا وَكَذَا، فَإِذَا سَمِعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ الشِّعْرَ قَالُوا: وَاللَّهِ مَا يَقُولُ هَذَا الشِّعْرَ إِلَّا هَذَا الْخَبِيثُ؟ -أَوْ كَمَا قَالَ الرَّجُلُ -وَقَالُوا (?) ابْنُ الْأُبَيْرِقِ قَالَهَا. قَالُوا: وَكَانُوا أَهْلَ بَيْتِ