33

حَكِيمِ بْنِ جُبَير، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَير، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "سَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِه، فَإِنَّ اللَّهَ (?) يُحِبُّ أَنْ يُسأل، وَإِنَّ أحبَّ عِبَادِهِ إِلَيْهِ الَّذِي يُحب الْفَرَجَ" (?) .

ثُمَّ قَالَ: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} أَيْ: هُوَ عَلِيمٌ بِمَنْ يَسْتَحِقُّ الدُّنْيَا فَيُعْطِيهِ مِنْهَا، وَبِمَنْ يَسْتَحِقُّ الْفَقْرَ فَيُفْقِرُهُ، وَعَلِيمٌ بِمَنْ يَسْتَحِقُّ الْآخِرَةَ فَيُقَيِّضُهُ (?) لِأَعْمَالِهَا، وَبِمَنْ يَسْتَحِقُّ الْخِذْلَانَ فَيَخْذُلُهُ عَنْ تَعَاطِي الْخَيْرِ وَأَسْبَابِهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}

{وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (33) }

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَير، وَأَبُو صَالِحٍ، وَقَتَادَةُ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَالسُّدِّيُّ، وَالضَّحَّاكُ، وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ، وَغَيْرُهُمْ فِي قَوْلِهِ: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} أَيْ: وَرَثَةً. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةٍ: أَيْ عَصَبة. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَالْعَرَبُ تُسَمِّي ابْنَ الْعَمِّ مَوْلًى، كَمَا قَالَ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ:

مَهْلا بَنِي عَمّنا مَهْلا مَوالينا ... لَا تُظْهِرَن لَنَا ما كَانَ مدفُونا (?)

قَالَ: وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ: {مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأقْرَبُونَ} مِنْ تَرِكَةِ وَالِدَيْهِ وَأَقْرَبِيهِ مِنَ الْمِيرَاثِ، فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ: وَلِكُلِّكُمْ -أَيُّهَا النَّاسُ-جَعَلْنَا عَصَبَةً يَرِثُونَهُ مِمَّا تَرَكَ وَالِدَاهُ وَأَقْرَبُوهُ مِنْ مِيرَاثِهِمْ لَهُ.

وَقَوْلُهُ: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ (?) أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} أَيْ: وَالَّذِينَ تَحَالَفْتُمْ بِالْأَيْمَانِ الْمُؤَكَّدَةِ -أَنْتُمْ وَهُمْ-فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ مِنَ الْمِيرَاثِ، كَمَا وَعَدْتُمُوهُمْ فِي الْأَيْمَانِ الْمُغَلَّظَةِ، إِنَّ اللَّهَ شَاهِدٌ بَيْنَكُمْ فِي تِلْكَ الْعُهُودِ وَالْمُعَاقَدَاتِ، وَقَدْ كَانَ هَذَا فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ نُسِخَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَأُمِرُوا أَنْ يُوَفُّوا لِمَنْ عَاقَدُوا، وَلَا يُنْشِئُوا بَعْدَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ مُعَاقَدَةً.

قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ إِدْرِيسَ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} قَالَ: وَرَثَةً، {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} كَانَ الْمُهَاجِرُونَ لَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَرِثُ الْمُهَاجِرِيُّ الْأَنْصَارِيَّ، دُونَ ذَوِي رَحِمِهِ؛ لِلْأُخُوَّةِ الَّتِي آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمْ، فَلَمَّا نَزَلَتْ {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} نُسخت، ثُمَّ قَالَ: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} مِنَ النَّصْرِ وَالرِّفَادَةِ وَالنَّصِيحَةِ، وَقَدْ (?) ذَهَبَ الْمِيرَاثُ ويُوصي لَهُ.

ثُمَّ قَالَ الْبُخَارِيُّ: سَمِعَ أَبُو أُسَامَةَ إِدْرِيسَ، وَسَمِعَ إِدْرِيسُ عَنْ طَلْحَةَ (?) .

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأشَجّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا إِدْرِيسُ الْأَوَدِيُّ، أَخْبَرَنِي طَلْحَةُ بْنُ مُصَرف، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ [فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ] } (?) الآية،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015