بِحَتْمٍ، بَلْ هُوَ مَنْسُوخٌ عَلَى قَوْلِهِمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا} أَيْ: وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِ (?) الْفَاحِشَةَ فَآذَوْهُمَا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَغَيْرُهُمَا: أَيْ بِالشَّتْمِ وَالتَّعْيِيرِ، وَالضَّرْبِ بِالنِّعَالِ، وَكَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ حَتَّى نَسَخَهُ اللَّهُ بِالْجَلْدِ أَوِ الرَّجْمِ.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ، وَعَطَاءٌ، وَالْحَسَنُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ: نَزَلَتْ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ إِذَا زَنَيَا.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: نَزَلَتْ فِي الْفِتْيَانِ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجُوا.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: نَزَلَتْ فِي الرَّجُلَيْنِ إِذَا فَعَلَا لَا يُكَنِّي، وَكَأَنَّهُ يُرِيدُ اللِّوَاطَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ رَوَى أَهْلُ السُّنَنِ، مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ رأيتُمُوه يَعَمَلُ عَمَل قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الفاعلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ" (?)
وَقَوْلُهُ: {فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا} أَيْ: أَقْلَعَا وَنَزَعَا عَمَّا كَانَا عَلَيْهِ، وصَلُحت أَعْمَالُهُمَا وَحَسُنَتْ {فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا} أَيْ: لَا تُعَنِّفُوهما بِكَلَامٍ قَبِيح بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّائِبَ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ {إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا} وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ "إِذَا زَنَتْ أمَة أحدكُم فَلْيَجْلدْها الحدَّ وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا" أَيْ: ثُمَّ لَا يُعَيِّرُهَا بِمَا صَنَعتْ بَعْدَ الْحَدِّ، الَّذِي هُوَ كَفَّارَةٌ لِمَا صَنَعتْ.
{إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (17) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (18) }
يَقُولُ تَعَالَى: إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ التَّوْبَةَ مِمَّنْ عَمِلَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ، ثُمَّ يَتُوبُ وَلَوْ قَبْلَ مُعَايَنَةِ المَلَك [لِقَبْضِ] (?) رُوحِهِ قَبْلَ الغَرْغَرَة.
قَالَ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُ وَاحِدٍ: كُلُّ مَنْ عَصَى اللَّهَ خَطَأً أَوْ عَمدًا فَهُوَ جَاهِلٌ حَتَّى يَنْزِعَ عَنِ الذَّنْبِ.
وَقَالَ قَتَادَةُ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ: أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ: أَنَّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كَانُوا يَقُولُونَ: كُلُّ ذَنْبٍ أَصَابَهُ عَبْدٌ فَهُوَ بِجَهَالَةٍ. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَر، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: اجْتَمَعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَوْا أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ عُصي بِهِ فَهُوَ جَهَالَةٌ، عَمْدًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (?) .
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْج: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كُلُّ عَامِلٍ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ (?) فَهُوَ جَاهِلٌ حِينَ عَمِلَهَا. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَقَالَ لِي عطاء بن أبي رباح نحوَه.