هذا سؤال شهادة، كقوله تعالى: (يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ).
قوله تعالى: {فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ ... (7)}
احتراس لأن قوله (فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ)
إن ذلك سؤال استعلام فنفاه بهذا، ولذلك أكد الفعل بالنون الشديدة، وفيه رد على المعتزلة القائلين بأن الله عالم لَا يعلم.
قوله تعالى: (وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ).
إشارة إلى أنه علم متيقن شاهد.
قوله تعالى: {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ ... (8)}
والوزن يحتمل معنيين:
أحدهما: أن الوزن يومئذ يقع بالعدل والقسط.
الثاني: أن وزن أعمال العباد يومئذ ثابت وأنه لَا شك فيه بحال، وعرف الحق إشارة إلى أنه الحق اليقين الواضح الذي لَا مراء فيه.
قال: ونسب الثقل والخفة لكفة الحسنات، لقوله تعالى: (مَوَازِينُهُ) فإضافتها إليه على تقدير اللام، وكفة السيئات إنما هي موازين عليه، واختلفوا في ذلك، فقيل: إنه ميزان واحد، وقيل: لكل شخص ميزان أخذ بظاهر الآية، والصحيح الأول، وعندي أنه جمع في هذه الآية.
قال الإمام فخر الدين في (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا) جمع [القلب*] لاختلاف حالاته وتقلباته؛ فكذلك يقال هنا.
قال ابن عرفة: ومفهوم أول الآية مناقض لمفهوم آخره، لأن مفهوم قوله تعالى: (فَمَنْ ثَقُلَتْ). يقتضي أن من تساوت كفات موازينه ليس بخاسر نفسه، قيل: بهن (?).
ابن عرفة: [فالأنبياء*]، ومن لَا سيئة لهم بماذا توزن حسناته؟ قال: توضع حسناته في كفة ولا يوضع في الكفة الأخرى شيء، أو يوضع في الأخرى [ ... ] أو حجارة يوزن بها حسناته، فقال: الآية إنما تضمنت وزن الحسنات والسيئات، وقال هنا (فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) فعبر بجملة اسمية مقرونة بأداة الحصر وهي اسم الإشارة والبنائي المضمر، وتعريف الخبر دون ذكر علة هذا الحكم.